ويرى بعضهم أن المحرم إنما هو الجماع فقط ، لأن حرمة الجماع ليست لمعنى يخل بالنكاح ، وعليه فلا يلزم من تحريم الجماع تحريم دواعيه ، فإن الحائض يحرم جماعها دون دواعيه.
قال القرطبي : ولا يقرب المظاهر امرأته ولا يباشرها ولا يتلذذ بشيء حتى يكفّر ، خلافا للشافعي في أحد قوليه .. فإن وطئها قبل أن يكفر ، استغفر الله ـ تعالى ـ وأمسك عنها حتى يكفر كفارة واحدة.
وقال مجاهد وغيره : عليه كفارتان (١).
٦ ـ قوله ـ تعالى ـ : (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ ..) صريح في وجوب تتابع الصوم من غير انقطاع بين الأيام ، فلو أفطر يوما من الشهرين من غير عذر انقطع التتابع ، ولزمه استئناف الصوم من جديد.
أما الإفطار بعذر ـ كمرض ونحوه ـ فيرى بعضهم وجوب الاستئناف ، لزوال التتابع الذي صرحت به الآية.
ويرى فريق آخر من العلماء ، أن الإفطار بعذر لا يمنع التتابع.
٧ ـ أخذ العلماء من قوله ـ تعالى ـ (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) أن المطلوب من المظاهر أن يطعم هؤلاء المساكين إطعاما يشبعهم في الغداء والعشاء ، سواء أكان ذلك بالتمليك أم بالإباحة ، فأيهما وقع من المكفر أجزأه ، وسواء أطعمهم جملة أم متفرقين.
وأوجب الشافعية تمليك المساكين .. بأن يملك لكل مسكين مدّا أو صاعا من غالب قوت البلد الذي يسكنه من عليه الكفارة.
أما حكم من عجز عن الكفارة ، فيرى جمهور العلماء أنها لا تسقط عنه ، بل تستقر في ذمته حتى يتمكن من أدائها ، كسائر الديون والحقوق ، فإنها لا تسقط ، وإنما تبقى في ذمة من عليه ، حتى يتمكن من أدائها.
قال القرطبي : «وقد ذكر الله ـ تعالى ـ الكفارة هنا مرتبة ، فلا سبيل إلى الصيام إلا عند العجز عن الرقبة ، وكذلك لا سبيل إلى الإطعام إلا عند عدم الاستطاعة على الصيام» (٢).
__________________
(١) راجع تفسير القرطبي ج ١٧ ص ٢٧٨.
(٢) راجع تفسير القرطبي ج ١٧ ص ٢٨٥.