بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة وتمهيد
١ ـ سورة «الحشر» من السور المدنية الخالصة ، وقد عرفت بهذا الاسم منذ العهد النبوي ، وسماها ابن عباس بسورة «بنى النضير» فقد أخرج البخاري عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : سورة الحشر. قال : «سورة بنى النضير» ولعل ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ سماها بهذا الاسم لحديثها المفصل عن غزوة بنى النضير.
٢ ـ وعدد آياتها أربع وعشرون آية ، وكان نزولها بعد سورة «البينة» وقبل سورة «النصر» أى : أنها تعتبر من أواخر ما نزل على النبي صلىاللهعليهوسلم من سور قرآنية فهي السورة الثامنة والتسعون في ترتيب النزول.
أما ترتيبها في المصحف ، فهي السورة التاسعة والخمسون.
٣ ـ وقد افتتحت سورة «الحشر» بتنزيه الله ـ تعالى ـ عما لا يليق به ، ثم تحدثت عن غزوة «بنى النضير» ، فذكرت جانبا من نصره لعباده المؤمنين ومن خذلانه لأولئك الضالين .. قال ـ تعالى ـ : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ، ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ ، فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ، يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ ، فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ ..).
٤ ـ ثم تحدثت السورة بعد ذلك عن تقسيم أموال بنى النضير ، وعن حكمة الله ـ تعالى ـ في إرشاده النبي صلىاللهعليهوسلم إلى هذا التقسيم ، فقال ـ سبحانه ـ : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ، فَلِلَّهِ ، وَلِلرَّسُولِ ، وَلِذِي الْقُرْبى ، وَالْيَتامى ، وَالْمَساكِينِ ، وَابْنِ السَّبِيلِ ، كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ ، وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ، وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ، وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)
٥ ـ وبعد أن أثنت السورة الكريمة على المهاجرين لبلائهم وإخلاصهم وعفة نفوسهم ، كما أثنت على الأنصار لسخائهم ، وطهارة قلوبهم ... بعد كل ذلك أخذت السورة في التعجيب من حال المنافقين ، الذين تحالفوا مع اليهود ضد المؤمنين ، وذكرت جانبا من أقوالهم الكاذبة ، ووعودهم الخادعة ..