حاجة فأعطاهم ، وبذلك نرى أنه صلىاللهعليهوسلم لم يتقيد في التوزيع لهذه الأموال ، بمن ورد ذكرهم في الآية الثانية.
وما دام الأمر كذلك ، فلا حاجة إلى القول بأن الآية الثانية ، بيان وتفصيل للآية الأولى.
هذا وهناك أقوال أخرى في معنى هذه الآية ، مبسوطة في كتب الفقه والتفسير ، فليرجع إليها من شاء المزيد من الأحكام الفقهية .. (١).
وقوله ـ سبحانه ـ : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ ...) بيان لحكمة هذا التشريع الذي شرعه ـ سبحانه ـ بالنسبة للأموال التي أتت عن طريق الفيء .. والضمير المستتر في قوله : (يَكُونَ) للفيء.
و «الدّولة» بضم الدال المشددة اسم لما يتداوله الناس فيما بينهم من أموال ، فيكون في يد هذا تارة ، وفي يد ذاك تارة أخرى.
والدّولة ـ بفتح الدال المشددة ـ اسم للنوبة من الظفر والنصر في الحرب وغيرها.
يقال : لفلان على فلان دولة ، أى : غلبة ونصر.
وبعضهم يرى أن الدولة ـ بالضم والفتح ـ بمعنى واحد ، وهو ما يدور ويدول للإنسان من الغنى والنصر.
والمعنى : شرعنا لكم هذه الأحكام المتعلقة بتقسيم الفيء ، كي لا يكون المال الناجم عنه ، متداولا بين أيدى أغنيائكم دون فقرائكم.
والمقصود بهذه الجملة الكريمة ، إبطال ما كان شائعا في الجاهلية ، من استئثار قواد الجيوش ، ورؤساء القبائل ، بالكثير من الغنائم دون غيرهم ممن اشترك معهم في الحروب ، كما قال أحد الشعراء ، لأحد الرؤساء أو القادة :
لك المرباع منها والصفايا |
|
وحكمك والنّشيطة والفضول |
أى : لك ـ أيها القائد وحدك ـ من الغنيمة ربعها ، والصفايا أى : والنفيس منها ، ولك ـ أيضا ما تحكم به على العدو ، ولك النشيطة ، وهي ما يصيبه الجيش من العدو قبل الحرب ، ولك ـ كذلك ـ الفضول ، أى : ما يبقى بعد قسمة الغنائم.
وقد أبطل الإسلام كل ذلك ، حيث جعل مصارف الفيء ، تعود إلى المسلمين جميعا ، بطريقة عادلة ، بينها ـ سبحانه ـ في هذه الآية وفي غيرها ..
__________________
(١) راجع تفسير القرطبي ج ١٨ ص ١٢.