ثم بين ـ سبحانه ـ سوء عاقبة الظالمين فقال : (فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ).
والذّنوب في الأصل : الدلو العظيمة المملوءة ماء ، ولا يقال لها ذنوب إذا كانت فارغة. وجمعها ذنائب ، كقلوص وقلائص ، وكانوا يستسقون الماء فيقسمونه بينهم على الأنصباء. فيكون لهذا ذنوب ، ولهذا ذنوب. فالمراد بالذنوب هنا : النصيب ، والمعنى : فإن للذين ظلموا أنفسهم بعبادتهم لغير الله ، وبظلمهم لغيرهم ، نصيبا من العذاب ، مثل نصيب نظرائهم في الظلم والكفر ، فلا يستعجلون عذابي ، فإنه نازل بهم في الوقت الذي أريد.
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) أى : فهلاك للذين كفروا ، هذا الهلاك سيكون في اليوم الذي توعدتهم بالهلاك فيه ، والذي هو نازل بهم بلا ريب أو شك.
وبعد : فهذا تفسير لسورة «الذاريات» ، نسأل الله ـ تعالى ـ أن يجعله خالصا لوجهه ، ونافعا لعباده.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
القاهرة ـ مدينة نصر
د. محمد سيد طنطاوى
مساء السبت ٢١ جمادى الأولى ١٤٠٦ ه ١ / ٢ / ١٩٨٦ م