والتبشير : الإخبار بما يسر النفس ويبهجها ، بحيث يظهر أثر ذلك على بشرة الإنسان ، وكان إخباره بأن نبيا سيأتى من بعده اسمه أحمد تبشيرا ، لأنه سيأتيهم بما يسعدهم ، ويرفع الأغلال عنهم ، كما قال ـ تعالى ـ : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ).
ولفظ (أَحْمَدُ) اسم من أسماء نبينا صلىاللهعليهوسلم وهو علم منقول من الصفة ، وهذه الصفة يصح أن تكون مبالغة من الفاعل. فيكون معناها : أنه صلىاللهعليهوسلم أكثر حمدا لله ـ تعالى ـ من غيره.
ويصح أن تكون من المفعول ، فيكون معناها أنه يحمده الناس لأجل ما فيه من خصال الخير ، أكثر مما يحمدون غيره.
قال الآلوسى : وهذا الاسم الجليل ، علم لنبينا محمد صلىاللهعليهوسلم وصح من رواية مالك ، والبخاري ، ومسلم .. عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن لي أسماء ؛ أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا العاقب» (١).
وبشارة عيسى ـ عليهالسلام ـ بنبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ثابتة ثبوتا قطعيا بهذه الآية الكريمة ، وإذا كانت بعض الأناجيل قد خلت من هذه البشارة ، فبسبب ما اعتراها من تحريف وتبديل على أيدى علماء أهل الكتاب.
ومع ذلك فقد وجدت هذه البشارة في بعض الأناجيل ، كإنجيل يوحنا ، في الباب الرابع عشر ، قال الإمام الرازي : في الإصحاح الرابع عشر من إنجيل يوحنا هكذا : وأنا أطلب لكم إلى أبى ، حتى يمنحكم ويعطيكم الفارقليط حتى يكون معكم إلى الأبد.
والفارقليط هو روح الحق واليقين (٢).
ومنهم من يرى أن لفظ فارقليط معناه باليونانية : أحمد أو محمد (٣).
ومن أصرح الأدلة على أن صفات الرسول صلىاللهعليهوسلم موجودة في التوراة والإنجيل ، قوله ـ تعالى ـ (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) (٤).
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٨ ص ٨٦.
(٢) راجع تفسير الفخر الرازي ج ٨ ص ١٣٩.
(٣) راجع تفسير القاسمى ـ ١٦ ص ٥٧٨٨.
(٤) راجع تفسيرنا لسورة الأعراف الآية ١٥٧ ص ٣٩٠.