ثم وجه ـ سبحانه ـ نداء إلى المؤمنين ، أرشدهم فيه إلى ما يسعدهم ، وينجيهم من كل سوء ، فقال ـ تعالى ـ :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (١٣)
وهذه الآيات الكريمة جواب عما قاله بعض المؤمنين لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو نعلم أى الأعمال أحب إلى الله لعملناها ، كما سبق. أن ذكرنا في سبب قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ).
فكأنه ـ سبحانه ـ بعد أن نهاهم عن أن يقولوا قولا ، تخالفه أفعالهم ، وضرب لهم الأمثال بجانب من قصة موسى وعيسى ـ عليهماالسلام ـ وبشرهم بظهور دينهم على سائر الأديان.
بعد كل ذلك أرشدهم إلى أحب الأعمال إليه ـ سبحانه ـ فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ).
والتجارة في الأصل معناها : التصرف في رأس المال ، وتقليبه في وجوه المعاملات المختلفة ، طلبا للربح.
والمراد بها هنا : العقيدة السليمة ، والأعمال الصالحة ، التي فسرت بها بعد ذلك في قوله ـ تعالى ـ (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ).
والاستفهام في قوله ـ تعالى ـ : (هَلْ أَدُلُّكُمْ) للتشويق والتحضيض إلى الأمر المدلول عليه.
والمعنى : يا من آمنتم بالله ـ تعالى ـ وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ألا تريدون أن