(وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) أى مكتوب متسق الكتابة ، منتظم الحروف ، مرتب المعاني ، فالمراد بالكتاب : المكتوب. وبالمسطور : الذي سطرت حروفه وكلماته تسطيرا جميلا حسنا.
والأظهر أن المقصود به القرآن الكريم ، لأن الله ـ تعالى ـ قد أقسم به كثيرا ، ومن ذلك قوله ـ سبحانه ـ (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ* يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ).
وقيل : المقصود به : جنس الكتب السماوية المنزلة. وقيل : صحائف الأعمال.
قال الآلوسى : قوله : (وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) أى : مكتوب على وجه الانتظام ، فإن السطر ترتيب الحروف المكتوبة. والمراد به على ما قال الفراء : الكتاب الذي تكتب فيه الأعمال ، ويعطاه العبد يوم القيامة بيمينه أو بشماله ، وقال الكلبي : هو التوراة. وقيل : القرآن الكريم وقيل : اللوح المحفوظ (١).
وقوله : في (رَقٍّ مَنْشُورٍ) متعلق بمسطور. أى : مسطور في رق. والرق ـ بالفتح ـ كل ما يكتب فيه من ألواح وغيرها. وأصله : الجلد الرقيق الذي يكتب عليه.
والمنشور : المبسوط ، ومنه قوله ـ تعالى ـ : (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً).
أى : أن هذا الكتاب المسطور ، كائن في صحائف مبسوطة ظاهرة لكل من ينظر إليها.
وقوله : (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) هو بيت في السماء السابعة تطوف به الملائكة بأمر الله ـ تعالى ـ.
قال ابن كثير : ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال في حديث الإسراء والمعراج ، بعد مجاوزته إلى السماء السابعة : «ثم رفع بي إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألفا من الملائكة» (٢).
وقيل المراد بالبيت المعمور هنا : البيت الحرام ، وسمى بذلك لأنه معمور بالحجاج والعمار ، (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) ، أى : والسماء المرفوعة ، وسميت سقفا لكونها بمثابة السقف للأرض كما قال ـ تعالى ـ (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ).
(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) أى : المملوء بالماء ، يقال ، سجر فلان الحوض إذا ملأه بالماء.
أو المسجور : بمعنى : المملوء بالنار من السّجر ، وهو إيقاد النار في التنور ، ومنه قوله ـ تعالى ـ : (... ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ).
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٧ ص ٢٧.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٧ ص ٤٠٣.