أى : زمنا ـ السابقون يوم القيامة قبل غيرهم ـ ، بيد أنهم ـ أى : اليهود والنصارى ـ أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأوتيناه من بعدهم ، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم ـ أى : تعظيمه ـ فاختلفوا فيه فهدانا الله ، فالناس لنا فيه تبع : اليهود غدا ـ أى : السبت ـ والنصارى بعد غد ـ أى : الأحد ـ».
وروى مسلم والنسائي عن ابن عمر أنه سمع النبي صلىاللهعليهوسلم يقول على أعواد منبره : «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات ـ أى : تركهم صلاة الجمعة ـ أو ليختمن الله على قلوبهم ، ثم ليكونن من الغافلين ..».
قال القرطبي ما ملخصه : وإنما سميت الجمعة جمعة ، لأنها مشتقة من الجمع حيث يجتمع الناس فيها للصلاة .. وكان يقال ليوم الجمعة : العروبة ...
قال البيهقي : وروينا عن موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب الزهري ، أن مصعب بن عمير ، كان أول من جمّع الجمعة بالمدينة للمسلمين ، قبل أن يهاجر إليها الرسول صلىاللهعليهوسلم.
ثم قال القرطبي : وأما أول جمعة جمعها صلىاللهعليهوسلم بأصحابه ، قال أهل السير والتاريخ : قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم مهاجرا حتى نزل بقباء ، على بنى عمرو بن عوف ، يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول حين اشتد الضحى ـ ومن تلك السنة يعد التاريخ ـ فأقام بقباء إلى يوم الخميس ، وأسس مسجدهم ثم خرج يوم الجمعة إلى المدينة ، فأدركته الجمعة في بنى سالم بن عوف ، في بطن واد لهم ، فجمع بهم وخطب ، وهي أول خطبة خطبها بالمدينة ، وقال فيها : الحمد لله ، أحمده وأستعينه ، وأستغفره وأستهديه .. (١).
٢ ـ الآية الكريمة وإن كانت قد أمرت المؤمنين بالسعي إلى صلاة الجمعة عند النداء لها ، إلا أن هناك أحاديث متعددة تحض على التبكير بالحضور إليها ، وبالغسل لها ، وبمس الطيب ، وبالحضور إليها على أحسن حالة ..
ومن تلك الأحاديث ما رواه الشيخان وغيرهما عن أبى هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ـ أى : كغسل الجنابة ـ ثم راح إلى المسجد ، فكأنما قرب بدنة ـ أى : ناقة ضخمة .. ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ـ أى له قرون ـ ومن راح في الساعة الرابعة
__________________
(١) راجع تفسير القرطبي ج ١٨ ص ٩٩.