كما أن الاشتغال بالبيع أو الشراء وقت النداء محرم ، لأن الأمر للوجوب ، وقال بعضهم : هو مكروه كراهة تحريم .. (١).
ومما يدل على أن صلاة الجمعة فريضة محكمة ، وأن السعى إليها واجب ، وأن الاشتغال عنها بالبيع أو الشراء محرم ، ما جاء في الأحاديث من الأمر بالمحافظة عليها ، ومن التحذير من تركها ، ومن ذلك ما رواه أبو داود من حديث أبى الجعد ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من ترك ثلاث جمع تهاونا بها ، طبع الله على قلبه».
٤ ـ قوله ـ تعالى ـ : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ ..) يدل دلالة واضحة ، على سمو شريعة الإسلام ، وعلى سماحتها ويسرها ، وجمعها بين مطالب الدنيا ومطالب الآخرة.
ومع أن هذا الأمر بالانتشار بعد الصلاة للإباحة ـ كما سبق أن قلنا ـ إلا أن بعض السلف كان إذا انتهت الصلاة ، خرج من المسجد ، ودار في السوق ساعة ، ثم رجع إلى المسجد فصلى ما شاء أن يصلى.
قال الإمام ابن كثير : كان عراك بن مالك ـ أحد كبار التابعين ـ إذا صلى الجمعة ، انصرف فوقف على باب المسجد وقال : اللهم إنى أجبت دعوتك وصليت فريضتك ، وانتشرت كما أمرتنى ، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين .. (٢).
هذا ، وهناك أحكام أخرى توسع المفسرون والفقهاء في الحديث عنها ، فليرجع إليها من شاء المزيد من معرفة هذه الأحكام والآداب ..
وبعد : فهذا تفسير لسورة «الجمعة» نسأل الله ـ تعالى ـ أن يجعله خالصا لوجهه ، ونافعا لعباده ..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
كتبه الراجي عفو ربه
د. محمد سيد طنطاوى
القاهرة : مدينة نصر :
صباح الثلاثاء ١٠ من شوال سنة ١٤٠٦ ه
الموافق ١٧ / ٦ / ١٩٨٦ م
__________________
(١) تفسير آيات الأحكام ج ٤ ص ١٥٢ للشيخ محمد على السائس.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٨ ص ١٤٩.