بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة وتمهيد
١ ـ سورة «المنافقون» من السور المدنية الخالصة ، وعدد آياتها إحدى عشرة آية ، وكان نزولها بعد سورة «الحج» ، وقبل سورة «المجادلة» (١).
وقد عرفت بهذا الاسم منذ عهد النبوة ، فقد جاء في حديث زيد بن أرقم ـ الذي سنذكره خلال تفسيرنا لها ـ أنه قال : «فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم سورة المنافقين».
وقال الآلوسى : أخرج سعيد بن منصور ، والطبراني في الأوسط ـ بسند حسن ـ عن أبى هريرة ، قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ في صلاة الجمعة في الركعة الأولى بسورة الجمعة ، فيحرض بها المؤمنين ويقرأ في الركعة الثانية بسورة المنافقين ، فيقرع بها المنافقين.
٢ ـ والمحققون من العلماء على أن هذه السورة ، نزلت في غزوة بنى المصطلق ، وقد جاء ذلك في بعض الروايات التي وردت في سبب نزول بعض آياتها ، والتي سنذكرها خلال تفسيرنا لها ـ بإذن الله ـ وكانت هذه الغزوة في السنة الخامسة من الهجرة.
وذكر بعضهم أنها نزلت في غزوة «تبوك» ، ومما يشهد لضعف هذا القول ، أن المنافقين في هذا الوقت ـ وهو السنة التاسعة من الهجرة ، كانوا قد زالت دولتهم ، وضعف شأنهم ، وما كان لواحد منهم أن يقول : (لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ).
٣ ـ وسميت هذه السورة بسورة «المنافقون» ، لأنها فضحتهم ، ووصفتهم بما هم أهله من صفات ذميمة ، ومن طباع قبيحة ، ومن مسالك سيئة ... ويكاد حديثها يكون مقصورا عليهم ، وعلى أكاذيبهم ودسائسهم.
وحديث القرآن عن النفاق والمنافقين ، قد ورد في كثير من السور المدنية ، ففي سورة البقرة نجد حديثا مستفيضا عنهم ، يبدأ بقوله ـ تعالى ـ : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ).
وفي سورة آل عمران نجد توبيخا من الله ـ تعالى ـ لهم ، كما في قوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا ، لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا ، قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
__________________
(١) راجع الإتقان في علوم القرآن ج ١ ص ٢٧ للسيوطي.