بعثته صلىاللهعليهوسلم وأن هذه الآيات قد تكرر فيها لفظ «أم» خمس عشرة مرة ، بعدد هذه السنين ، ولذا قالوا : إن ذلك فيه إشارة إلى إعجاز القرآن الكريم.
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة. بتوجيه الخطاب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، على سبيل التسلية والتكريم ، حيث أمره ـ سبحانه ـ بالإعراض عنهم ، لأنه ـ سبحانه ـ هو الذي سيتولى حسابهم وعقابهم .. فقال ـ تعالى ـ :
(فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٧) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ) (٤٩)
والفاء في قوله ـ سبحانه ـ : (فَذَرْهُمْ ...) واقعة في جواب شرط مقدر. أى : إذا كان حال هؤلاء المشركين كما ذكرنا لك ـ أيها الرسول الكريم ـ فاتركهم في طغيانهم يعمهون ..
(حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) أى : فدعهم يخوضوا ويلعبوا حتى يأتيهم اليوم الذي فيه يموتون ويهلكون.
قال القرطبي : قوله (يُصْعَقُونَ) بفتح الياء قراءة العامة. وقرأ ابن عامر وعاصم بضمها. قال الفراء : هما لغتان : صعق وصعق مثل سعد وسعد. قال قتادة : يوم يموتون. وقيل : هو يوم بدر ، وقيل : يوم النفخة الأولى. وقيل : يوم القيامة يأتيهم فيه من العذاب ما يزيل عقولهم ... (١).
وقوله : (يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ...) بدل من قوله : (يَوْمَهُمُ). أى : اتركهم ـ أيها الرسول الكريم ـ ولا تكترث بهم. وامض في دعوتك إلى الحق ، فعما قريب سيأتيهم اليوم الذي لن ينفعهم فيه مكرهم السّيئ ، وكيدهم القبيح ..
(وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) فيه من عقابنا من أى جهة من الجهات ، أو من أى شخص من الأشخاص.
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٧ ص ٧٧.