قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكره. وأخرجه وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن عبد الله بن شقيق قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحاصر أهل وادي القرى فقال له رجل .. إلى آخره ، ولم يذكر فيه أخبرني من سمع النبي صلىاللهعليهوسلم كالأوّل. وأخرجه البيهقي في الشعب عن عبد الله بن شقيق عن رجل من بني القين عن ابن عم له أنه قال : أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكره. وأخرجه سفيان بن عيينة في تفسيره ، وسعيد بن المنصور عن إسماعيل بن أبي خالد أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «المغضوب عليهم : اليهود ، والضّالون : النصارى». وأخرجه أحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسّنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه عن عدي ابن حاتم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن المغضوب عليهم هم اليهود ، وإن الضالين : النصارى». وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم وصحّحه والطبراني عن الشريد قال : «مرّ بي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنا جالس هكذا ، وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على ألية يدي فقال : أتقعد قعدة المغضوب عليهم؟!» قال ابن كثير بعد ذكره لحديث عديّ بن حاتم : وقد روي حديث عديّ هذا من طرق ، وله ألفاظ كثيرة يطول ذكرها. انتهى. والمصير إلى هذا التفسير النبويّ متعين ، وهو الذي أطبق عليه أئمة التفسير من السلف. قال ابن أبي حاتم : لا أعلم خلافا بين المفسرين في تفسير المغضوب عليهم باليهود ، والضّالين بالنصارى. ويشهد لهذا التفسير النبويّ آيات من القرآن ، قال الله تعالى في خطابه لبني إسرائيل في سورة البقرة (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ) (١) وقال في المائدة (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) (٢) وفي السيرة عن زيد بن عمرو بن نفيل ؛ أنه لما خرج هو وجماعة من أصحابه إلى الشام يطلبون الدين الحنيف ، قال اليهود : إنك لن تستطيع الدخول معنا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله ، فقال : أنا من غضب الله أفرّ ، وقالت له النصارى : إنك لن تستطيع الدخول معنا حتى تأخذ بنصيبك من سخط الله ، فقال : لا أستطيعه ، فاستمرّ على فطرته وجانب عبادة الأوثان.
[فائدة في مشروعية التأمين بعد قراءة الفاتحة] اعلم أن السنة الصحيحة الصريحة الثابتة تواترا ، قد دلت على ذلك ، فمن ذلك ما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي عن وائل بن حجر قال : «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم قرأ : غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين. فقال : آمين. مدّ بها صوته» ولأبي داود «رفع بها صوته» وقد حسّنه الترمذي. وأخرجه أيضا النسائي وابن أبي شيبة وابن ماجة والحاكم وصحّحه ، وفي لفظ من حديثه أنه صلىاللهعليهوسلم قال «ربّ اغفر لي آمين» أخرجه الطبراني والبيهقي. وفي لفظ أنه قال : «آمين ثلاث مرات» أخرجه الطبراني. وأخرج وكيع وابن أبي شيبة عن أبي ميسرة قال : «لما أقرأ جبريل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاتحة الكتاب فبلغ ولا الضّالّين قال : قل آمين ، فقال آمين». وأخرج ابن ماجة عن عليّ قال : «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا قال ولا الضّالّين قال آمين». وأخرج مسلم وأبو داود والنسائيّ وابن ماجة عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا قرأ» يعني الإمام «غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين ، فقولوا : آمين يحبّكم الله».
__________________
(١). البقرة : ٩٠.
(٢). المائدة : ٦٠.