٤ ـ مذهبه وعقيدته :
كان مذهب الشوكاني في مطلع حياته العلمية المذهب الزيديّ ، وقد حفظ أشهر كتب المذهب ، وألّف فيه كتبا ، وبرع في مسائله وأحكامه حتى أصبح قدوة ، ثم طلب الحديث وفاق فيه أهل زمانه من الزيدية وغيرهم ، مما جعله يخلع ربقة التقليد ، ويدعو إلى الاجتهاد ومعرفة الأدلة من الكتاب والسّنّة.
ويظهر هذا الموقف الاجتهاديّ المتميز في رسالة سمّاها : «القول المفيد في حكم التقليد» وفي كتاب فقهيّ كبير سمّاه : «السيل الجرّار المتدفق على حدائق الأزهار» تكلّم فيه عن عيون المسائل الفقهية عند الزيدية ، وصحّح ما هو مقيّد بالأدلة ، وزيّف ما لم يكن عليه دليل. فقام عليه المقلدون والمتعصبون ، يجادلونه ويصاولونه ، ويتهمونه بهدم مذهب أهل البيت. ولكنه بقي ثابتا على موقفه لا يتزحزح عنه ، وألّف كتابا جمع فيه محاسن أهل البيت سمّاه «درّ السّحابة في مناقب القرابة والصحابة» وأظهر فيه وجوب محبّة أهل البيت ، ولزوم موالاتهم ومودّتهم ؛ مما دفع عنه تهمة التعصب حيال مذهب بعينه ، وأنّ دعوته إلى الاجتهاد تشمل أهل المذاهب جميعا.
أما عقيدة الشوكانيّ ـ رحمهالله تعالى ـ فكانت عقيدة السّلف ، من حمل صفات الله تعالى الواردة في القرآن والسّنة الصحيحة على ظاهرها من غير تأويل ولا تحريف ، وله رسالة في بيان ذلك اسمها : «التحف بمذهب السّلف».
وقد دعا إلى جانب ذلك إلى نبذ كلام المتكلمين ، وتطهير عقيدة التوحيد من مظاهر الشرك ، وتخليص ما دخل على حياة الناس وتدينهم من البدع والخرافات. ويظهر هذا جليا في كثير من كتبه ، وبخاصة كتابه : «قطر الوليّ (١) على حديث الوليّ».
٥ ـ مشايخه وتلاميذه :
لقد كفانا الشوكاني رحمهالله تعالى مؤونة هذا البحث ، وألّف كتابا في مشايخه وتلاميذه سمّاه : «الإعلام بالمشايخ الأعلام والتلاميذ الكرام» ، وترجم لبعضهم في كتابه : «البدر الطالع» ومن أبرز مشايخه.
١ ـ والده علي بن محمد الشوكاني ، المتوفى سنة ١٢١١ ه.
٢ ـ السيد عبد الرحمن بن قاسم المداني ، المتوفى سنة ١٢١١ ه.
٣ ـ العلامة أحمد بن عامر الحدائي ، المتوفى سنة ١١٩٧ ه.
٤ ـ السيد العلامة إسماعيل بن الحسن بن أحمد ابن الإمام القاسم بن محمد ، المتوفى سنة ١٢٠٦ ه.
٥ ـ العلامة القاسم بن يحيى الخولاني ، المتوفى سنة ١٢٠٩ ه.
٦ ـ العلامة عبد بن إسماعيل النهمي ، المتوفى سنة ١٢٠٨ ه.
__________________
(١). الوليّ : قال في القاموس : الولي : المطر بعد المطر ، والوليّ : اسم منه.