كأن الله شدّد على المسلمين يومئذ ليقطع دابر الكافرين وهو أوّل قتال قاتلوا فيه المشركين من أهل مكة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحّاك قال : المتحرف : المتقدّم من أصحابه أن يرى عورة من العدوّ فيصيبها. والمتحيّز : الفارّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكذلك من فرّ اليوم إلى أميره وأصحابه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن عطاء بن أبي رباح في قوله : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) قال : هذه الآية منسوخة بالآية التي في الأنفال (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) الآية. وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد ، والبخاري في الأدب المفرد واللفظ له ، وأبو داود ، والترمذي وحسّنه ، وابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وأبو الشيخ وابن مردويه ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن ابن عمر قال : كنّا في غزاة فحاص الناس حيصة ، قلنا : كيف نلقى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب؟ فأتينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل صلاة الفجر ، فخرج فقال : من القوم؟ فقلنا : نحن الفرّارون ، فقال : لا ، بل أنتم العكارون (١) ، فقبلنا يده فقال : أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين ، ثم قرأ (إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ). وقد روي في تحريم الفرار من الزحف ، وأنه من الكبائر أحاديث ، وورد عن جماعة من الصحابة أنه من الكبائر ، كما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس. وأخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عمر. وأخرجه ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ) قال لأصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم حين قال : هذا قتلت ، وهذا قتلت. (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) قال لمحمد صلىاللهعليهوسلم حين حصب الكفار. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) قال : رماهم يوم بدر بالحصباء. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن حكيم بن حزام قال : لما كان يوم بدر سمعنا صوتا من السماء إلى الأرض كأنه صوت حصاة وقعت في طست ، ورمى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتلك الحصباء وقال : شاهت الوجوه ، فانهزمنا ، فذلك قوله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) الآية. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن جابر قال : سمعت صوت حصيات وقعن من السماء يوم بدر كأنهن وقعن في طست ، فلما اصطفّ النّاس أخذهنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرمى بهنّ في وجوه المشركين ، فانهزموا ، فذلك قوله (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى). وأخرج الطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) قال : قال رسول الله لعليّ : ناولني قبضة من حصباء ، فناوله ، فرمى بها في وجوه القوم فما بقي أحد من القوم إلا امتلأت عيناه من الحصباء ، فنزلت هذه الآية (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ). وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال : لما كان يوم أحد أخذ أبيّ بن خلف يركض فرسه حتى دنا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم واعترض رجال من المسلمين لأبيّ بن خلف ليقتلوه. فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «استأخروا ، فاستأخروا ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم حربته في يده
__________________
(١). قال في القاموس : العكّار : الكرار ، العطّاف.