بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إنَّ أَبلغَ ما نطَقَت به البُلغاءُ بادئَ بَدْءٍ (١) ، وأَفصحَ ما بدَأَتِ الفُصحاءُ به الكلامَ أَبداً ، حمدُ الله الذي أَنطقَ العربَ بأَعرب لسانٍ ، وشرَّفَ منهم النَّسبَ بأَشرف إِنسانٍ ، وأَحلّ العربيَّةَ من اللُّغاتِ محلَّ الغُرَّة من الجبين ، ورفع منارها بنسبةِ كتابهِ العربيِّ المُبينِ ، وجعل الفصاحةَ ضَوءاً لا يَعلقُ إِلاَّ بذُبالة مِصباحِها ، والبلاغةَ نوراً لا يُشرقُ إِلاَّ بإِنارة إِصباحِها. والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّه النَّاطق بأَفصح اللَّغات ، وأَرجح البلاغات ؛ المُنتخبِ من سُلالة الكَرَم ، وسَرارَةِ الحَرمِ ، وصميمِ النَّسب ، ومُصاص الحسب ، وأُرومةِ المجد ، وهامةِ الشَّرف النَّجد ؛ عصمةِ المُتوَسِّلينَ ، وسيِّدِ الأَنبياءِ والمرسلينَ ، عبدِه ورسولِه الذي أَهدأَ ببعثته كلَّ مُضطرِب ، أَبي القاسمِ محمَّد بن عبد الله بن عبد المُطّلب ، صلَّى اللهُ عليه وعلى آله الهادين ، والخلفاءِ الحُنفاء الرَّاشدين.
أَمَّا بعدُ : فيقولُ العبدُ الفقير إِلى ربِّهِ الغنيِّ ، عليٌّ صدرُ الدينِ الحُسينيُّ الحَسنيُّ ، أَسنى اللهُ له جوائزَ فضلِهِ السَّنيِّ : هذا كتابٌ جمعتُ فيه من لسان العرب ، ما يُحظى منه بارتِشافِ الضَّرَبِ ، وأَحرزتُ فيه من غريب القرآن والأَثر ، ما يُرضَى
__________________
(١) في « ج » و « ش » : بادي بدا.