إن قلت : لم أتى أعذبهم بهمزة المتكلم ونوفيهم بنون العظمة ، فأجيب بوجهين : إما الإشارة إلى عظم إلى ما يقال في المؤمنين من الأجر والثواب ، فناسب بنون العظمة ، لأن العظيم لا يثبت على فعل الجميل إلا بعظيم ، وإما لأن المؤمنين عظموا الله حق تعظيمه وامتثلوا أمره ونواهيه ، فخاطبهم بنون العظمة الدالة على تعظيم ما عظموه بخلاف الفريق الآخر.
قال ابن عرفة : وهذا عندي تقسيم مستوفى ؛ لأن الناس على ثلاثة أقسام : كافر ، ومؤمن طائع ، ومؤمن عاص.
فقوله تعالى : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
عبارة عن المؤمن العاصي ، قال الفخر : واحتج بها المعتزلة أن لا يحب الشر ، ولا يريده ، فرده ابن عرفة بوجهين :
الأول : أنه ليس المعنى والله لا يريد الظالمين فهو ذم لهم ، مثل : لا حبذا زيد ، وما يلزم من ذمهم على الظلم إن الله لم يرد ذلك منهم.
والوجه الثاني : أن المستدل بها لا بد أن يضمر فيها مضافا تقديره : والله لا يحب ظلم الظالمين ، وليس هذا بأولى من أن يقول التقدير : والله لا يحب ثواب الظالمين.
قوله تعالى : (ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ).
يتعارض فيها المجاز والإضمار ؛ لأن الإشارة إلى الآيات المتقدمات ، وقد كانت تليت عليه حين نزول هذه الآية ، فإما أن يكون نتلوه مضارعا عبر عنه في الماضي فهو مجاز أو يكون مستقبلا حقيقة ، والمعنى مثل ذلك نقلها عليك فيكون فيه إضمار.
قوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) الزمخشري : إن شأن عيسى وحاله كشأن آدم خلقه وخالقه ، ابن عطية : وقال إن صفة عيسى كصفه آدم ، واختاره ، ابن عطية : إن المراد أن المتصور من عيسى في الذهن كالمتصور من آدم ، [١٨/٩٠ و] ابن عرفة : فجعله بمنزلة الجمعة للمقدمتين أي : إن مثل عيسى في نفس الأمر الحق اليقين الذي يخالفون فيه كمثل آدم ، ابن عطية : والمثل والمقال واحد.
ابن عرفة : وتقدم الإشكال في قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) فمنهم من قال : الكاف زائدة لئلا يلزم عليه إثبات المثل لله عزوجل ، وتقدم الجواب ، بأن ثبوته يؤدي إلى نفسه ؛ لأنه إذا تقرر أنه ليس مثله مثل ينتفي المماثل ؛ لأن مثل المثل ، إما الذات