الإلهية (تارة) لا يتمكن من الفعل أصلا وهاهنا لا يكون مخاطبا بالنهي أبدا إذا النهي عن الشيء هو كالأمر به فرع القدرة عليه وإلّا لم يصح النهي عنه عقلا كما لا يصح الأمر به كذلك (وأخرى) يقدر على الفعل لكن لا يميل إليه ولا يرغب فيه ولو مع قطع النّظر عن حرمته شرعا بحيث كان ترك الفعل مستندا إلى عدم الميل إليه وعدم الرغبة فيه بطبعه لا إلى نهيه تعالى وزجره عنه جل وعلا وهاهنا مخاطب بالنهي ولكن لا يثاب على الترك لعدم كون الترك مستندا إلى امتثال نهيه وإطاعة زجره.
(وثالثة) يقدر على الفعل ويميل إليه ويرغب فيه ولكن يكف نفسه عنه بداعي نهيه تعالى وزجره عنه جل وعلا وهاهنا يكون ممتثلا للنهي متقربا بالكف مثابا عليه إن شاء الله تعالى.
(قوله وتوهم أن الترك ومجرد أن لا يفعل خارج عن تحت الاختيار فلا يصح أن يتعلق به البعث والطلب فاسد .. إلخ) وقد أفاد في وجه الفساد ما حاصله أن الترك أيضا مقدور كالفعل وإلّا بان كان الترك خارجا عن تحت القدرة كان الفعل أيضا غير مقدور وكان خارجا عن تحت القدرة فان مقدورية الفعل لا تنفك عن مقدورية الترك فإذا كان الترك غير اختياري كان الفعل أيضا غير اختياري (ثم ان مقصود المصنف) من كون الترك مقدورا كما صرح به في المتن هو مقدوريته بحسب البقاء والاستمرار الّذي يكون بحسبه محلا للتكليف لا العدم الأزلي الثابت من قبل فانه بلا اختيار قطعا.
(قوله ثم انه لا دلالة لصيغته على الدوام والتكرار كما لا دلالة لصيغة الأمر وان كان قضيتهما عقلا تختلف ولو مع وحدة متعلقهما ... إلخ) وقد أفاد في وجه الاختلاف ما حاصله أن وجود الطبيعة يكون بوجود فرد واحد وأما ترك الطبيعة فلا يحصل إلّا بترك جميع أفراد الطبيعة سواء كانت دفعية