أنبأنا نصر بن مزاحم التميمي ، قال عمر بن سعد بن أبي الصيد الأسدي (١) عن الحارث بن حصيرة (٢) عن عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود وغيره قالوا :
لما قدم علي بن أبي طالب من البصرة إلى الكوفة يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة مضت من رجب سنة ست وثلاثين ، وقد أعز الله نصره وأظهره علي عدوه ، ومعه أشراف الناس وأهل البصرة ، استقبله أهل الكوفة وفيهم قراؤهم وأشرافهم ، فدعوا له بالبركة وقالوا : يا أمير المؤمنين ، أين تنزل؟ أتنزل القصر؟ فقال : لا ، ولكني أنزل الرحبة. فنزلها وأقبل حتى دخل المسجد الأعظم فصلى فيه ركعتين ، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله وقال : « أما بعد يا أهل الكوفة فإن لكم في الإسلام فضلا ما لم تبدلوا وتغيروا. دعوتكم إلى الحق فأجبتم ، وبدأتم بالمنكر فغيرتم. ألا إن فضلكم فيما بينكم وبين الله في الأحكام والقسم. فأنتم أسوة من أجابكم ودخل فيما دخلتم فيه. ألا إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى ، وطول الأمل. فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة. ألا إن الدنيا قد ترحلت مدبرة ، والآخرة ترحلت مقبلة ، ولكل واحدة منها بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة. اليوم عمل ولا حساب ، وغدا حساب ولا عمل.
__________________
(١) في ميزان الاعتدال ( ٢ : ٢٥٨ ) : « عمر بن سعد. عن الأعمش. شيعي بغيض. قال أبو حاتم : متروك الحديث ».
(٢) هو الحارث بن حصيرة الأزدي ، أبو النعمان الكوفي. روى عن زيد بن وهب وأبي صادق الأزدي ، وجابر الجعفي. وعنه : عبد الواحد بن زياد ، والثوري ، ومالك بن مغول ، وعبد السلام بن حرب. قال ابن عدي : عامة روايات الكوفيين عنه في فضائل أهل البيت. وهو يعد من المحترفين بالكوفة في التشيع. وحصيرة ، بفتح المهملة وكسر المهملة بعدها. وفي الأصل : ( حضيرة ) بالضاد المعجمة ، تحريف. انظر تهذيب التهذيب ( ٢ : ١٤٠ ) وتقريب التهذيب ٨٧.