الحمد لله الذي نصر وليه ، وخذل عدوه ، وأعز الصادق المحق ، وأذل الناكث المبطل. عليكم بتقوى الله وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيكم ، الذين هم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه ، من المنتحلين المدعين المقابلين إلينا (١) ، يتفضلون بفضلنا ، ويجاحدونا أمرنا ، وينازعونا حقنا ، ويدافعونا عنه (٢). فقد ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوف يلقون غيا. ألا إنه قد قعد عن نصرتي منكم رجال فأنا عليهم عاتب زار. فاهجروهم وأسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبوا (٣) ، ليعرف بذلك حزب الله عند الفرقة ».
فقام إليه مالك بن حبيب اليربوعي ـ وكان صاحب شرطته ـ فقال : والله إني لأرى الهجر وإسماع المكروه لهم قليلا. والله لئن أمرتنا لنقتلنهم. فقال علي : سبحان الله يا مال ، جزت المدى ، وعدوت الحد ، وأغرقت في النزع! فقال : يا أمير المؤمنين ، لبعض الغشم أبلغ في أمور تنو بك من مهادنة الأعادي. فقال علي : ليس هكذا قضى الله يا مال ، قتل النفس بالنفس فما بال الغشم (٤). وقال : ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا ). والإسراف في القتل أن تقتل غير قاتلك ، فقد نهى الله عنه ، وذلك هو الغشم.
فقام إليه أبو بردة بن عوف الأزدي ـ وكان ممن تخلف عنه ـ فقال :
__________________
(١) في ح ( ١ : ٢٥٦ ) : ( القائلين إلينا ).
(٢) كذا وردت الأفعال الثلاثة هنا وفي ح بحذف نون الرفع لغير ناصب أو جازم ، وهي لغة صحيحة. انظر خزانة الأدب ( ٣ : ٥٢٥ ـ ٥٢٦ ).
(٣) الإعتاب : إعطاء العتبى ، وهي الرضا. وأعتبني فلان : ترك ما كنت أجد عليه من أجله.
(٤) في ح ( ١ : ٢٥٧ ) « قال سبحانه النفس بالنفس فما بال ذكر النفس ».