مقدّمة
قال الغزالي وغيره : آيات الأحكام خمسمائة آية ، وقال بعضهم مائة وخمسون ، وقيل لعل مرادهم المصرح به فإن آيات القصص والأمثال وغيرها يستنبط منها كثير من الأحكام. قال الشيخ عز الدين بن عبد السّلام في كتاب الإمام : إنما ضرب الله الأمثال في كتابه تذكيرا ووعظا فما اشتمل منها على تفاوت في ثواب أو على إحباط عمل أو على مدح أو ذم أو نحوه فإنه يدل على الأحكام ، ثم قال : ومعظم آي القرآن لا تخلو عن أحكام مشتملة على آداب حسنة وأخلاق جميلة ، ثم من الآيات ما صرح فيه بالأحكام ، ومنها ما يؤخذ بطريق الاستنباط إما بلا ضمّ إلى آية أخرى كاستنباط تحريم الاستمناء من قوله : (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) الى قوله : (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ)(١) الآية. وصحة أنكحة الكفار من قوله : (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ)(٢) ، وصحة صوم الجنب من قوله : (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ) إلى قوله : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ)(٣) الآية. وإما به كاستنباط أن أقل الحمل ستة أشهر من قوله : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً)(٤) ، مع قوله : (وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ)(٥) ، قال الشيخ عز الدين : ويستدل على الأحكام تارة بالصيغة وهو ظاهر وتارة بالإخبار مثل (أُحِلَّ لَكُمْ)(٦) ، (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)(٧) ، (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ)(٨) ، وتارة بما رتب عليها في العاجل أو الآجل من خير أو شر أو نفع أو ضر.
__________________
(١) سورة (المؤمنون) : الآيتان ٦ ـ ٧.
(٢) سورة المسد : ٤.
(٣) سورة البقرة : ١٨٧.
(٤) سورة الأحقاف : ١٥.
(٥) سورة لقمان : ١٤.
(٦) سورة البقرة : ١٨٧.
(٧) سورة المائدة : ٣.
(٨) سورة البقرة : ١٨٣.