بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الكتاب
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب تبيانا لكل شيء ، وجعله شفاء لكل عيّ (١) ، وهدى من كل غيّ ، والصلاة والسّلام على محمد المبعوث من أشرف قبيلة وأكرم حي ، وعلى آله وصحبه ما لجأ ظامىء لري.
وبعد : فقد قال الله تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(٢) ، وقال : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ)(٣) ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «ستكون فتن» قيل وما المخرج منها؟ قال : «كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم» أخرجه الترمذي وغيره.
وقال سعيد بن منصور في سننه : حدثنا خديج بن معاوية عن أبي إسحق عن مرة عن ابن مسعود قال : من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه خبر الأولين والآخرين. قال البيهقي أراد به أصول العلم. وقال الحسن البصري : أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة : التوراة ، والإنجيل. والزبور ، والفرقان ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان ، ثم أودع علوم الفرقان المفصّل ، ثم أودع علوم المفصل فاتحة الكتاب ، فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير الكتب المنزلة. أخرجه البيهقي في الشعب.
وقال الإمام الشافعي ، رضي الله عنه : جميع ما تقوله الأمة شرح للسنة وجميع شرح السنة شرح للقرآن ، وقال بعض السلف : ما سمعت حديثا إلا التمست له آية من كتاب الله : وقال سعيد بن جبير : ما بلغني حديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم على وجهه إلا وجدت
__________________
(١) يقال : عيّ في منطقه ، عيّا وعياء : إذا عجز عنه ، فلم يستطع بيان مراده منه. فهو عيّ وعييّ وعيّان ، والأنثى : عيّا. والجمع أعياء ، وأعيياء وعيايا.
(٢) سورة النحل : ٨٩. وقد وردت في الطبعات المتداولة خطأ هكذا : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ ...)
(٣) سورة الأنعام : ٣٨. يقال : فرّط الشيء وفرّط فيه : إذا قصّر فيه وضيّعه حتّى فات. أو تركه وأغفله ، وهو المراد والله أعلم.