مصداقه في كتاب الله ، أخرجه ابن أبي حاتم ، وقال ابن مسعود : إذا حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديقه من كتاب الله ، أخرجه ابن أبي حاتم. وقال ابن مسعود أيضا : أنزل في القرآن كل علم وبين لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن ، أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم. وأخرج ابو الشيخ في العظمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله لو أغفل شيئا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة» (١). وقال الشافعي أيضا : جميع ما حكم به النبي صلىاللهعليهوسلم فهو مما فهمه من القرآن.
قلت ويؤيد هذا قوله صلىاللهعليهوسلم : «إني لا أحلّ إلا ما أحل الله في كتابه ولا أحرّم إلّا ما حرّم الله في كتابه» رواه بهذا اللفظ الطبراني في الأوسط من حديث عائشة وقال الشافعي أيضا : ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا في كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها فإن قيل : من الأحكام ما ثبت ابتداء بالسنة ، قلنا : ذلك مأخوذ من كتاب الله في الحقيقة لأن كتاب الله أوجب علينا اتباع الرسول صلىاللهعليهوسلم وفرض علينا الأخذ بقوله.
وقال الشافعي مرة بمكة : سلوني عما شئتم أخبركم عنه من كتاب الله ، فقيل له ما تقول في المحرم يقتل الزنبور ، فقال : بسم الله الرحمن الرحيم ، قال الله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(٢).
وحدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «اقتدوا باللّذين من بعدي أبي بكر وعمر» ، وحدثنا سفيان عن مسعر بن كدام عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب أنه أمر بقتل المحرم الزنبور.
__________________
(١) المراد بالذرّة نحو قوله تعالى [النساء : ٤٠] : إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ ، وقد ذكرت الذرة في ستة مواضع في القرآن الكريم.
أما الخردلة : فقد ذكرت في موضعين في القرآن الكريم [الأنبياء : ٤٧] و [لقمان : ١٦] ، كلاهما بلفظ : (حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ).
والمراد بذكر البعوضة : قوله تعالى في سورة [البقرة : ٢٦] : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها ..) ، ولم يرد ذكرها في القرآن الكريم غير مرة واحدة.
والمراد بالحديث النبويّ الشريف الردّ على أباطيل المشركين إذ كانوا يعيّرون النبيّ الكريم بذكر الذرة والخردلة والبعوضة والذباب في القرآن الكريم.
(٢) سورة الحشر : ٧.