المطلب الأول
عصره
شهد القرن الرابع الهجري ـ وهو القرن الذي يرجّح أن الراغب الأصفهاني ولد بعد مضي نصفه الأوّل ـ توالي ظهور الدويلات الصغيرة التي تنسلخ عن الخلافة العباسيّة مكرسة حالة الفرقة والانقسام ، التي أضعفت المسلمين سياسيّا وعسكريّا في ذلك العصر.
ويذكر ابن كثير في أحداث سنة ٣٢٤ ه أن : «أمر الخلافة ضعف فيها جدّا .. واستقل نواب الأطراف بالتصرّف فيها ، ولم يبق للخليفة حكم في غير بغداد ومعاملاتها .. وأما بقيّة الأطراف : فالبصرة مع ابن رائق يولّي فيها من شاء ، وخوزستان إلى أبي عبد الله البريدي. وقد غلب ابن ياقوت على مملكة تستر ، وأمر فارس إلى عماد الدولة بن بويه ... وكرمان بيد محمد بن إلياس ، وبلاد الموصل والجزيرة وديار بكر ومضر وربيعة مع بني حمدان ، ومصر والشام في يد محمد بن طغج ، وبلاد أفريقيّة والمغرب في يد القائم بأمر الله بن المهدي الفاطمي ، والأندلس في يد الناصر الأموي ، وخراسان وما وراء النهر في يد السعيد نصر بن أحمد الساماني ، وطبرستان وجرجان في يد الديلم ، والبحرين واليمامة وحجر في يد أبي طاهر القرمطي ..» (١).
وقد كانت العلاقات بين هذه الدويلات الناشئة متوترة وعدائيّة في الغالب ، وظهرت النزاعات العسكريّة بين البويهيين والسامانيين (٢)
__________________
(١) انظر : البداية والنهاية (١١ / ١٩٦) بتصرف يسير.
(٢) انظر : والكامل لابن الأثير (٧ / ١٠٨).