وأبي المعالي الجويني إمام الحرمين وأبي حامد الغزالي (١) ، بل و [الراغب الأصفهاني] نفسه حيث كان ينصر مذهب الأشاعرة في كتبه المختلفة ، حتى وصل الأمر في أوائل القرن الخامس الهجري إلى استتابة الخليفة العباسي [القادر بالله] فقهاء المعتزلة وإظهارهم الرجوع عن الاعتزال (٢). وإلى قراءة كتاب بدار الخلافة في بغداد في مذهب أهل السنة ، وفيه : «إن من قال : القرآن مخلوق فهو كافر حلال الدم» (٣) وكان بعض القضاة يستتيب من ذكر عنه الاعتزال (٤).
وفي سنة ٤٢٠ ه «جمع القضاة والعلماء في دار الخلافة ، وقرئ عليهم كتاب جمعه [القادر بالله] فيه .. تفسيق من قال بخلق القرآن ، وصفة ما وقع بين بشر المريسي وعبد العزيز الكتاني .. وأخذ خطوط الحاضرين بالموافقة على ما سمعوه» (٥).
وفي سنة ٤٥٦ ه «هجم قوم من أصحاب عبد الصمد على أبي علي بن الوليد المدرس للمعتزلة فسبّوه وشتموه ، لامتناعه من الصلاة في الجامع ولتدريسه مذهب المعتزلة ، وأهانوه وجرّوه ، ولعنت المعتزلة في جامع المنصور» (٦) وكان الناس يسيئون الظن بمن يتردد على أشياخ المعتزلة ولو كان من العلماء المبرزين ، كما نقموا على
__________________
(١) انظر : الراغب الأصفهاني وجهوده في اللغة والأدب ، ص (١٦).
(٢) انظر : البداية والنهاية (١٢ / ٧).
(٣) ذكر ذلك ابن كثير في أحداث سنة ٤٠٩ ه. انظر : البداية والنهاية (١٢ / ٨).
(٤) المصدر السابق (١٢ / ٨) حيث أورد قصة استتابة القاضي ابن أبي الشوارب للمصيري عمّا ذكر عنه من الاعتزال في سنة ٤١٧ ه.
(٥) انظر : البداية والنهاية (١٢ / ٨) بتصرف يسير.
(٦) انظر : المصدر السابق (١٢ / ٩٧) بتصرف يسير.