إلا أن المعلومات عنه كانت شحيحة لدرجة أن هذه التراجم لا تكاد تضيف إلى الباحث شيئا يذكر حول حياته الشخصيّة.
ومن هنا فقد تساءل معظم من تعرّض لترجمته من المعاصرين عن السّر الكامن وراء ندرة الترجمة له ، والتجاهل الكبير الذي عومل به الراغب الأصفهاني (١).
وقد اجتهد كلّ منهم في استنباط الأسباب المؤدية لذلك ؛ فمنهم من عزاه إلى عدم اتصاله برجال السلطة وغشيان بلاطهم وتقلّد الوظائف العامّة ، فقال : «لاتصال العلماء والأدباء برجال السلطان وتصرّفهم لهم في القضاء والعمالات ، أو تقرّبهم منهم بالمنادمة والتأديب والشعر دخل كبير في استفاضة شهرتهم ، وتناقل آرائهم وتآليفهم ، وكم من عظيم لم يتول قضاء ولا عملا للدولة بقي على خمول لا يكاد يشعر به ، ولا يعرفه غير بعض أبناء حيّه. ومنهم على ما يظهر الراغب الأصفهاني ، لم يترجم له حتى أصحاب الطبقات من أهل مذهبه» (٢).
__________________
(١) ومنهم على سبيل المثال : الأستاذ محمد كرد علي في كتابه «كنوز الأجداد» ص (٢٦٨) ، والدكتور أبو اليزيد العجمي عند تحقيقه كتاب «الذريعة إلى مكارم الشريعة» للراغب الأصفهاني ص (١٩) ، والدكتور عمر الساريسي في كتابه «الراغب الأصفهاني وجهوده في اللغة والأدب» ص (٤٦) ، وله بحث منشور في مجلة «مجمع اللغة العربية الأردني» ـ العددان ١١ ـ ١٢ ـ ربيع الأول ـ رجب ١٤٠١ ه بعنوان «رأي في تحديد عصر الراغب الأصفهاني» ص (٤٣) ، والدكتور أحمد حسن فرحات في كتابه «مقدمة جامع التفاسير مع تفسير الفاتحة ومطالع البقرة» للراغب الأصفهاني ص (١١).
(٢) انظر : كنوز الأجداد ، محمد كرد علي ، ص (٢٥٦).