ومنهم من عزاه إلى التهمة الباطلة التي ألصقت به بالتشيّع لآل البيت ، بسبب احتفاله البيّن بأقوال الخليفة الرابع عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، واستخدام كلمة [عليهالسلام] و [كرم الله وجهه] عند ذكره في كثير من المواضع ، مما أفقده اهتمام علماء أهل السنة والجماعة ، ولا سيما أصحاب التراجم منهم (١).
ومنهم من عزاه إلى تواضعه وعدم حديثه عن نفسه وحياته الشخصيّة في ثنايا كتبه (٢) ، ويشهد لذلك قول الراغب : «وأعوذ بالله أن أكون ممن مدح نفسه وزكّاها فعابها بذلك وهجاها ، وممن أزرى بعقله بفعله» (٣) ، وقوله : «كتبت إلى أبي القاسم أبي العلاء أبياتا أستعير منه شعر عمران بن حطّان» ثم ذكر الأبيات وعلّق على ذلك بقوله : «والغرض في ذلك ما قاله أبو القاسم لا ما خاطبته به ، أعوذ بالله أن أكون ممن يزري بعقله بتضمين مصنفاته شعر نفسه» (٤).
وبالتالي ، فإن تواضع الراغب ، ورغبته في خمول الذكر ؛ ترفعا
__________________
(١) انظر : الراغب الأصفهاني وجهوده في اللغة والأدب ص (٤٨) ، وبحث منشور للدكتور عمر الساريسي بعنوان «رأي في تحديد عصر الراغب الأصفهاني» مجلة مجمع اللغة العربية الأردني ـ العددان (١١ ـ ١٢) ١٤٠١ ه ، ص (٧٣).
(٢) انظر : مقدمة «المفردات» لصفوان داوودي ، ص (١٤). وانظر : الراغب الأصفهاني وجهوده في اللغة والأدب ، د. عمر الساريسي ، ص (٤٨) ، وقد أضاف إلى ذلك احتمال كون اشتغاله بالفكر الفلسفي وقد كانت العامّة كما يقول ـ تقف من أمثاله موقف الريبة والشك سببا للتجاهل أو لفقدانه عطف الأحزاب السياسية التي كانت تقوم على أساس فكري أو ديني لعدم وضوح انتسابه إلى إحدى الفرق الإسلاميّة وضوحا يكفل له الترجمة في حلقاتهم.
(٣) محاضرات الأدباء ومحاورات البلغاء ، للراغب الأصفهاني ، (١ / ٧).
(٤) انظر : محاضرات الأدباء (١ / ١١٩ ، ١٢٠).