بنفسه عن تضمين مؤلفاته حديثا عن نفسه ، أفقد المترجمين له مصدرا هامّا يمكن أن يستمدوا منه المعلومات الموثقة عن حياته الشخصيّة.
وفي حقيقة الأمر فإن هذه الأسباب باستثناء الأول منها لا ترقى إلى درجة تفسير التجاهل ، الذي تعرض له علم كالراغب الأصفهاني. فأمّا تهمة التشيّع فلم تكن قويّة لدرجة اشتباه الأمر على أصحاب كتب التراجم من علماء أهل السنة ، وقد رأينا الذهبي والسيوطي والفيروز آبادي وظهير الدين البيهقي وغيرهم يترجمون للراغب ، وينسبونه للسّنّة ، ولا يتعرّضون إلى هذه التّهمة من قريب أو بعيد ، مما يدل على بطلانها وعدم تأثيرها على ترجمة الراغب عندهم (١). على أن بعض الشيعة حاول أن يرجّح تشيّع الراغب ، ليكسب عالما مميّزا إلى صفوف مذهبه ، وقد أدخل الوهم عليه وعلى أمثاله كثرة سلامه وترضيّه على الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بلفظ [عليهالسلام] و [كرم الله وجهه] ، ولذلك فقد قال حسن بن علي الطبرسي في ترجمته : «كان من حكماء الشيعة الإماميّة» (٢) ، وقد أنكر ذلك مجموعة من علماء الشيعة ، الذين ترجموا للراغب الأصفهاني ، ومنهم : الخوانساري الذي جزم بأن الراغب من الشافعية ، ورجّح أنه كان أشعريّ الأصول ، وأنكر كونه من الشيعة لعدم موافقته لهم
__________________
(١) انظر : سير أعلام النبلاء (١٨ / ١٢٠ ، ١٢١) ، وبغية الوعاة (٢ / ٣٩٧) ، والبلغة (٩١) ، وتاريخ حكماء الإسلام (١١٢).
(٢) في كتابه «أسرار الإمامة» ولم أستطع الوقوف على الكتاب رغم اجتهادي في البحث عنه ، وقد نقل هذا القول عنه الميرزا عبد الله في كتابه «رياض العلماء وحياض الفضلاء» (٢ / ١٧٢) وأغا بزرك الطهراني في «طبقات أعلام الشيعة» في الجزء المسمى «الثقات العيون في سادس القرون» ص (٨٢) ، والعاملي في «أعيان الشيعة» (٢٢١).