وذلك بأن مقالة «الذهبي» بأن «الراغب الأصفهاني» كان حيّا في عام ٤٥٠ ه قد استوقفتني كثيرا ، وتساءلت : ما الذي يدفع مؤرخا عرف بالتثبّت كالذهبي إلى مثل هذا القول لو لم يكن لديه قرائن ترجّح ما ذهب إليه؟
ومن هنا فقد اجتهدت في البحث في سائر كتب الراغب الأصفهاني ، التي صنفها في الأدب والبلاغة وفي الأخلاق والسلوك ، لعلي أجد إشارات إلى بعض الأعلام ، تزيد الأمر وضوحا ، بيد أنّي رجعت من ذلك بخفّي حنين ، إلا أن عدم الترجمة للراغب الأصفهاني في مصنفات شهيرة توفي أصحابها بعد مرور العقد الأوّل من القرن الخامس الهجري ـ وهو الوقت الذي يفترض أصحاب القول الثاني أن الراغب الأصفهاني قد توفّي فيه ـ يعضد ـ ولو بطريقة غير مباشرة ـ ما رجحه الذهبي من أن وفاته تأخرت إلى ما بعد سنة ٤٥٠ ه ، فأبو نعيم الأصبهاني المتوفى سنة (٤٣٠ ه) (١) لم يترجم للراغب في «أخبار أصبهان» على الرغم من انتسابه إلى «أصبهان» ، واستشهار مصنفاته.
والخطيب البغدادي المتوفى سنة (٤٦٣ ه) (٢) لم يذكر الراغب في «تاريخ بغداد» ، على الرغم من أن الراغب قد دخلها وعاش فيها ، كما تشير بعض المصادر (٣).
__________________
(١) انظر : البداية والنهاية (١٢ / ٤٨).
(٢) انظر : المصدر السابق (١٢ / ١٠٨).
(٣) انظر : كشف الظنون (٥ / ٣١١) والموسوعة العربية الميسرة (٥ / ٨٥٤).