وتحقيقهما ، فسأل أن أثبت ذلك كتابة ، ففعلت» (١).
وهنا نلحظ أن الراغب كان يتذاكر العلم مع ذلك الشيخ ، وأن للراغب منزلة كبيرة عند ذلك الشيخ ، تحمله على أن يسأله إثبات ما قاله كتابة ، ليستفيد منه طلاب العلم ، فيجيبه الراغب إلى ما سأل.
بل إن الراغب ينبري للخوض في قضية بلغه أن الحاضرين عند ذلك الشيخ تناقشوا فيها ، فيقول فيها رأيه كتابة ، ويهديه إلى ذلك الشيخ : «بلغني ما جرى بحضرة الشيخ ـ أطال الله بقاءه ـ من ذكر مخالطة الناس ومجانبتهم ، وأن الحاضرين عنده اختلفوا ... فأحببت أن أجعل ذلك كتابا ، أذكر فيه نكت ما قاله العلماء والحكماء ، وأجعله هدية إليه» (٢).
وهذا يدلّ على منزلة ذلك الشيخ عند الراغب الأصفهاني ، واهتمامه الشديد بأمره ؛ ولعل الراغب رأى فيه ـ مع كونه من علية القوم وذوي الجاه فيهم ـ قبولا لآرائه ، وتقديرا لمكانته ، فأحبّ أن يواصله بالتوجيه والكتابة ، طمعا في ترغيبه في الفضائل ومعالي الأمور ، التي لا ينزع إليها كثير من ذوي الجاه والسلطان.
ولكن هل بين أيدينا ما يشير إلى شخصيّة ذلك الأستاذ أو الشيخ ، الذي أكثر الراغب من إهداء كتبه إليه؟
__________________
(١) انظر : رسالة ذكر الواحد الأحد ، مخطوط ، رقم ٣٦٥٤ / ٢ ، مكتبة أسعد أفندي ، السليمانية ، إستانبول.
(٢) انظر : رسالة في أدب مخالطة الناس ، مخطوط ، رقم ٣٦٥٤ / ٣ ، مكتبة أسعد أفندي ، السليمانية ، إستانبول.