وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (٣٨) يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩) وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٤٣))
(وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ ،) أي : نقلت عن أماكنها (أَوْ قُطِّعَتْ ،) أي : شققت (بِهِ الْأَرْضُ) من خشية الله تعالى عند قراءته ، فجعلت أنهارا وعيونا. (أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى ،) أي : بأن يحيوا ، وجواب لو محذوف ، أي : لكان هذا القرآن في غاية ما يكون من الصحة ، واكتفى بمعرفة السامعين مراده ، وهذا معنى قول قتادة قال : لو فعل هذا بقرآن قبل قرآنكم لفعل بقرآنكم. وقيل : تقديره لما آمنوا ، ونقل عن الفراء أنّ جواب لو هي الجملة من قوله : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ) ففي الكلام تقديم وتأخير وما بينهما اعتراض ، وتقدير الكلام وهم يكفرون بالرحمن لو أنّ قرآنا سيرت به الجبال ، أو قطعت به الأرض ، أو كلم به الموتى لكفروا بالرحمن ، ولم يؤمنوا لما سبق من علمنا فيهم.
فإن قيل : لم حذفت التاء في قوله تعالى : (أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) وثبتت في الفعلين قبله؟ أجيب : بأنه من باب التغليب ؛ لأنّ الموتى يشمل المذكر والمؤنث. (بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ ،) أي : القدرة على كل شيء (جَمِيعاً) وهذا إضراب عما تضمنته لو من معنى النفي ، أي : بل الله قادر على الإتيان بما اقترحوه من الآيات ، لكن الإرادة لم تتعلق بذلك لعلمه تعالى بأنه لا يلين قلوبهم ويؤيد ذلك قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) عن إيمانهم مع ما رأوا من أحوالهم وذهب أكثرهم إلى أنّ معناه : أفلم يعلم الذين آمنوا (أَنَّ ،) أي : بأنه (لَوْ يَشاءُ اللهُ ،) أي : الذي له صفات الكمال (لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً ،) أي : إلى الإيمان من غير آية ، ولكنه تعالى لم يشأ هداية جميع الخلائق (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا ،) أي : جميع الكفار (تُصِيبُهُمْ بِما ،) أي : بسبب ما (صَنَعُوا قارِعَةٌ ،) أي : نازلة وداهية تقرعهم بأنواع البلايا تارة بالجدب ، وتارة بالسلب وتارة بالقتل ، وتارة بالأسر وغير ذلك. واختلف في الكفار على قولين.
قيل : أراد بهم جميع الكفار ، لأنّ الوقائع الشديدة التي وقعت لبعض الكفار من ذلك أوجبت حصول الغم في قلب الكل.
وقيل : المراد الكفار من أهل مكة والألف واللام للمعهود السابق ويدل لهذا قول ابن عباس : أراد بالقارعة السرايا التي كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يبعثها إليهم (أَوْ تَحُلُّ ،) أي : تنزل نزولا ثابتا تلك القارعة (قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ ،) أي : فتوهن أمرهم ، وقيل : معناه أو تحل أنت يا محمد بجيشك قريبا من دارهم مكة كما حل بالحديبية (حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ ،) أي : بالنصر وظهور رسول الله صلىاللهعليهوسلم ودينه بفتح مكة ، أو بالنصر على جميع الكفرة في زمن عيسى عليهالسلام فينقطع ذلك ؛ لأنه لا يبقى على الأرض كافر.
وقيل : أراد بوعد الله يوم القيامة ؛ لأنّ الله يجمعهم فيه فيجازيهم بأعمالهم (إِنَّ اللهَ لا