أنفسكم عقاب الله بالإشراك وعبادة غير الله ، أفلا تتّقون في افترائكم وجعلكم الأصنام آلهة؟!
فذلكم المتّصف بالقدرة الخلاقة والإرادة المبدعة هو الله الخالق المربّي والمدبّر ، وهو الحق الثابت بذاته الذي لا شك فيه ، وهو الواحد القهار الذي لا يصلح معه مخلوق في الألوهية والرّبوبية ، ومن كانت هذه صفاته هو الرّب الحقّ ، أي المستوجب للعبادة والألوهية ، وإذا كان ذلك فتشريك غيره ضلال وغير حق. وليس فيما وراء الحقّ إلا الضّلال والباطل ، ومن يتجاوز الحق الذي هو عبادة الله وحده ، وقع في الضّلال.
فكيف تصرفون عن الحق إلى الضّلال ، وكيف تتحولون عن الحق إلى الباطل ، وعن الهدى إلى الضلال؟ ذلك ما لا يقبله عقل ولا منطق.
وكما كانت صفات الله كما وصف ، وعبادته واجبة كما تقرر ، وحقت الرّبوبية لله والألوهية لله ، أي ثبتت واستقرّت في الواقع ، كذلك حقّت وثبتت كلمة الله وحكمه على الذين فسقوا ، أي تمرّدوا في الكفر ، وأصرّوا على الضّلال : أنهم لا يؤمنون ، أي حقّ عليهم واستقرّ انتفاء الإيمان في قلوبهم ، وتحقّق منهم البعد عن الإيمان الحق. وإذا لم يؤمنوا بالرغم من استقرار هذه الصفات الإلهية التي لا مجال لإنكارها ، فإنهم يكونون من أصحاب النار.
والخلاصة : إن المنطق يقضي بالتّسوية بين الإقرار بوجود الله ، وبين الاعتراف بوحدانية الله ، ولا يعقل التفريق بينهما ، ومن آمن بوجود الله ، فعليه أن يؤمن بتوحيد الله ، وهذا أسلوب في إثبات التوحيد من طريق العقل والفكر المجرد ، لأن توحيد الألوهية والرّبوبية متلازمان.