بمخالفة دينهم ، وإغراقهم في البحر وزوال ملكهم ، لتكذيبهم برسالة موسى عليهالسلام. فتكون لام (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا) لام العاقبة أو الصيرورة ، لا أن القصد بالالتقاط من أجل أن يكون لهم عدوّا. ولقد كان فرعون ووزيره وأكبر رجاله هامان وجنودهما متعمدين الخطأ ، مصرّين على تكذيب موسى. وبهذا يعلم أن (الخاطئ) متعمّد الخطأ ، و (المخطئ) : الذي لا يتعمّده ، فعاقبهم الله بأن ربّى عدوّهم عندهم ، وكان هو سبب هلاكهم.
وقالت زوجة فرعون له : هذا الطفل قرّة عين لي ، أي سلوة لي ، تقرّ به عيني ، وتفرح به نفسي ، فلا تقتلوه ، وذلك الإلهام لامرأة فرعون لأن الله تعالى ألقى عليه المحبة ، فكان يحبّه كل من شاهده ، ولعله يكون سببا للخير والنفع ، أو نتخذه ولدا ونتبنّاه ، لما يتمتع به من الوسامة والجمال ، ولكن لم يشعر قوم فرعون أن هلاكهم بسبب هذا الطفل وعلى يده.
وأصبح قلب أم موسى بعد إلقاء صندوقه في البحر فارغا من كل شيء من شواغل الدنيا ، إلا من ذكر موسى ، وكادت من شدّة حزنها وأسفها إظهار أمر ابنها وأنه ذهب لها ولد ، وأنها أمّه ، لو لا أن ثبّت الله قلبها وصبّرها ، لتكون من المصدّقين الواثقين بوعد الله لها ، بردّه إليها.
وقالت أمّ موسى لأخته ابنتها الكبرى : تتبّعي أثره واعرفي خبره ، فخرجت لذلك ، فعثرت عليه في بيت فرعون ، وأبصرته عن بعد ، والقوم لا يشعرون بها وبمهمّتها ، ولا بأنه الذي يفسد الملك على يديه.
ومنع الله موسى من قبول ثدي المراضع غير ثدي أمّه ، من قبل ، أي من أول أمره ، فقالت أخته لمن حول بيت فرعون : ألا أدلّكم على أهل بيت يتكفّلون بشأنه وإرضاعه وحضانته ، وهم حافظون له ، ناصحون للملك ، بخدمته والمحافظة عليه؟!