بتوكّل ، وإنما هو كما قال ـ عليهالسلام ـ : «قيّدها وتوكّل».
وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) هذه غاية في الرّفعة ، وشرف المنزلة ، وقد جاءت آثار صحيحة في فضل التوكّل وعظيم منزلة المتوكّلين ، ففي «صحيح مسلم» عن عمران بن حصين ؛ أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «يدخل الجنّة من أمّتي سبعون ألفا بغير حساب ، قالوا : من هم ، يا رسول الله؟ قال : هم الّذين لا يرقون ، ولا يسترقون ، ولا يتطيّرون ، وعلى ربّهم يتوكّلون» ، (١) وخرّج أبو عيسى التّرمذيّ ، عن أبي أمامة ، قال : سمعت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم يقول : «وعدني ربّي أن يدخل الجنّة من أمّتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ، ولا عذاب ، مع كلّ ألف سبعون ألفا وثلاث حثيات من حثيات ربّي» ، وخرّجه ابن ماجة أيضا (٢) ، وخرّج أبو بكر البزّار ، وأبو عبد الله التّرمذيّ الحكيم ، عن عبد الرّحمن بن أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) ، قال : قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله سبحانه أعطاني سبعين ألفا يدخلون الجنّة بغير حساب ، فقال عمر : يا رسول الله ، فهلّا استزدته قال : قد استزدته ، فأعطاني مع كلّ واحد من السّبعين الألف سبعين ألفا ، فقال عمر : يا رسول الله ، فهلّا استزدته ، فقال : قد استزدته ، فأعطاني هكذا ، وفتح أبو وهب يديه ، قال أبو وهب : قال هشام : هذا من الله لا يدرى ، ما عدده» (٣) ، وخرّج أبو نعيم ، عن أنس ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «وعدني ربّي أن يدخل الجنّة / من أمّتي مائة ألف ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ، زدنا ، قال : وهكذا ، وأشار سليمان بن حرب بيده ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ، زدنا ، فقال عمر : إنّ الله عزوجل قادر أن يدخل النّاس الجنّة بحفنة واحدة ، فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «صدق عمر» (٤). ا ه من
__________________
(١) أخرجه مسلم (١ / ١٩٨) ، كتاب «الإيمان» ، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ، حديث (٢١٨ / ٣٧١) ، وأحمد (٤ / ٤٣٦ ، ٤٤١) ، والبغوي في «شرح السنة» (٧ / ٣٢٧ ـ بتحقيقنا)
(٢) أخرجه الترمذي (٤ / ٦٢٦) ، كتاب «صفة القيامة» ، باب (١٢) ، حديث (٢٤٣٧) ، وابن ماجة (٢ / ١٤٣٣) كتاب «الزهد» ، باب صفة أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ، حديث (٤٢٨٦) ، وأحمد (٥ / ٢٦٨)
(٣) أخرجه البزار كما في «مجمع الزوائد» (١٠ / ٤١٣ ـ ٤١٤) ، وقال الهيثمي : رواه أحمد ، والبزار ، والطبراني بنحوه ، وفي أسانيدهم القاسم بن مهران عن موسى بن عبيد ، وموسى بن عبيد هذا هو مولى خالد بن عبد الله بن أسيد ، ذكره ابن حبان في «الثقات». والقاسم بن مهران ذكره الذهبي في «الميزان» ، وأنه لم يرو عنه إلا سليم بن عمرو النخعي ، وليس كذلك ، فقد روى عنه هذا الحديث هشام بن حسان ، وباقي رجال إسناده محتج بهم في الصحيح.
(٤) أخرجه أحمد (٣ / ١٩٣) ، وأبو نعيم في «الحلية» (٢ / ٣٤٤ ـ ٣٤٥) من طريق أبي هلال عن قتادة عن أنس مرفوعا.
وقال أبو نعيم : غريب من حديث قتادة عن أنس (رضي الله عنه) ، تفرد به أبو هلال ، واسمه محمد بن سليم الراسبي ، ثقة بصري.