وقوله تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ) ، الرّضوان : مصدر من «رضي» ، وفي الحديث الصحيح ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أنّ أهل الجنّة ، إذا استقرّوا فيها ، وحصل لكلّ واحد منهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، قال الله لهم : أتريدون أن أعطيكم ما هو أفضل من هذا؟ قالوا : يا ربّنا ، وأيّ شيء أفضل من هذا؟ فيقول الله سبحانه : أحلّ عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم أبدا» (١) ، هذا سياق الحديث ، وقد يجيء مختلف الألفاظ ، والمعنى قريب بعضه من بعض ، قال الفخر (٢) : وذلك أن معرفة أهل الجنّة ، مع هذا النعيم المقيم بأنّه تعالى راض عنهم ، مثن عليهم ـ أزيد عليهم في إيجاب السّرور. ا ه.
وباقي الآية بيّن ، وقد تقدّم في سورة البقرة بيانه.
وقوله تعالى : (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا ...) الآية : «الّذين» : بدل من «الّذين اتّقوا» ، وفسر سبحانه في هذه الآية أحوال المتقين الموعودين بالجنّات ، والصّبر ؛ في هذه الآية : معناه : على الطّاعات ، وعن المعاصي والشهوات ، والصّدق : معناه : في الأقوال والأفعال ، والقنوت : الطاعة والدعاء أيضا ، وبكلّ ذلك يتصف المتّقي ، والإنفاق : معناه : في سبيل الله ومظانّ الأجر ، والاستغفار : طلب المغفرة من الله سبحانه ، وخصّ تعالى السّحر ؛ لما فيه من الفضل ؛ حسبما ورد فيه من صحيح الأحاديث ؛ كحديث النّزول : «هل من داع ، فأستجيب له ، هل من مستغفر ، فأغفر له» (٣) ، إلى غير ذلك ممّا ورد في فضله.
قلت : تنبيه : قال القرطبيّ في «تذكرته» ، وقد جاء حديث النزول مفسّرا مبيّنا في ما خرّجه النسائيّ عن أبي هريرة ، وأبي سعيد ، قالا : قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله (عزوجل) يمهل حتّى يمضي شطر اللّيل الأوّل ، ثمّ يأمر مناديا يقول : هل من داع يستجاب له ، هل من مستغفر يغفر له ، هل من سائل يعطى» ، صحّحه أبو محمّد عبد الحقّ (٤). ا ه.
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) ينظر : «مفاتيح الغيب» (٧ / ١٧٤)
(٣) أخرجه البخاري (٣ / ٢٩) ، كتاب «التهجد» ، باب الدعاء والصلاة من آخر الليل ، حديث (١١٤٥) ومسلم (١ / ٥٢٢) كتاب «صلاة المسافرين» ، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل حديث (١٦٨ ، ١٦٩ / ٧٥٨) وأبو داود (١ / ٤٢٠) ، كتاب «الصلاة» ، باب أي الليل أفضل؟ ، حديث (١٣١٥) والترمذي (٥ / ٥٢٦) ، كتاب «الدعوات» ، باب (٧٩) حديث (٣٤٩٨) وأحمد (٢ / ٤٨٧) والبيهقي (٣ / ٢) من حديث أبي هريرة.
(٤) ينظر الحديث السابق.