(١٦٦) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً (١٦٧) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (١٦٨) إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً)(١٦٩)
وقوله تعالى : (لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ ...) الآية : سببها قول اليهود : (ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام : ٩١].
وقال ص : «لكن» : استدراك ، ولا يبتدأ بها ، فيتعيّن تقدير جملة قبلها يبيّنها سبب النزول ، وهو أنه لمّا نزل : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) [النساء : ١٦٣] ، قالوا : ما نشهد لك بهذا ؛ فنزل : (لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ). انتهى.
وقوله تعالى : (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) ، هذه الآية من أقوى متعلّقات أهل السنّة في إثبات علم الله عزوجل ؛ خلافا للمعتزلة في أنهم يقولون : عالم بلا علم ، والمعنى عند أهل السّنّة : أنزله ، وهو يعلم / إنزاله ونزوله.
وقوله سبحانه : (وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ) : تقوية لأمر نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم ، وردّ على اليهود.
وقوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) ، تقديره : وكفى الله شهيدا ، لكنه دخلت الباء ؛ لتدلّ على أنّ المراد اكتفوا بالله ، وباقي الآية بيّن.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧٠) يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (١٧١) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (١٧٢) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً)(١٧٣)
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ ...) الآية : خطاب لجميع النّاس ، وهي دعاء إلى الشرع ، ولو كانت في أمر من أوامر الأحكام ، ونحو هذا ، لكانت : «يا أيها الذين آمنوا» ، والرسول في الآية : نبيّنا محمد صلىاللهعليهوسلم ، ثم قال سبحانه : (وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، وهذا خبر بالاستغناء ، وأنّ ضرر الكفر إنما هو