وقوله : (وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) يحتمل : أن يكون من قول هابيل لأخيه ، ويحتمل : أن يكون إخبارا من الله تعالى لمحمّد ـ عليهالسلام ـ ، قال الفخر : وقوله تعالى : (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) قال المفسرون : معناه : سهّلت له نفسه قتل أخيه. انتهى.
وقوله سبحانه : (فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ) : أصبح : عبارة عن جميع أوقاته ، وهذا مهيع كلام العرب ؛ ومنه : [المنسرح] أصبحت لا أحمل السّلاح ... البيت (١) وقول سعد : فأصبحت بنو أسد تعزّرني (٢) ، إلى غير ذلك من استعمال العرب ، ومن خسران قابيل ما صحّ ، وثبت عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ أنه قال : «ما قتلت نفس ظلما إلّا كان على ابن آدم الأوّل كفل منها» (٣) ؛ وذلك لأنه أول من سنّ القتل.
(فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (٣١) مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)(٣٢)
وقوله تعالى : (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً ...) الآية : قيل : أصبح في ثاني يوم قتله يطلب إخفاء أمر قتله ، فلم يدر ما يصنع به ، فبعث الله غرابا حيّا إلى غراب ميت ، فجعل يبحث
__________________
(١) صدر بيت للربيع بن ضبع الفزاري وعجزه : [المنسرح]
.................. |
|
أملك رأس البعير إن نفرا |
ينظر : «المعجم» (١ / ٣٢١) ، «النوادر» (١٥٩) ، «أمالي المرتضى» (١ / ٢٥٥) ، و «حماسة البحتري» ص (٢٠١) ، و «خزانة الأدب» (٧ / ٣٨٤) ؛ و «شرح التصريح» (٢ / ٣٦) ؛ و «الكتاب» (١ / ٨٩) ؛ و «لسان العرب» (١٣ / ٢٥٩) (ضمن) ؛ و «المقاصد النحوية» (٣ / ٣٩٨) ؛ وبلا نسبة في «الدر على النحاة» ص (١١٤) ؛ و «شرح المفصل» (٧ / ١٠٥) ؛ و «المحتسب» (٢ / ٩٩) ، «الدر المصون» (٢ / ١٧٨)
(٢) ذكره ابن عطية (٢ / ١٨٠)
(٣) أخرجه البخاري (٦ / ٤١٩) ، كتاب «أحاديث الأنبياء» (٣٣٣٥) وفي (١٢ / ١٩٨) كتاب «الديات» ، باب قول الله تعالى : (وَمَنْ أَحْياها ...) حديث (٦٨٦٧) ، وفي (١٣ / ٣١٤) كتاب «الاعتصام» ، باب إثم من دعا إلى ضلالة ، حديث (٧٣٢١) ومسلم (٣ / ١٣٠٣ ـ ١٣٠٤) ، كتاب «القسامة» ، باب بيان إثم من سن القتل ، حديث (٢٧ / ١٦٧٧) من حديث ابن مسعود.