وبهذا صحّ القول بأن المحتوى الداخلي للانسان هو الاساس لحركة التاريخ ، والبناء الاجتماعي العلوي بكل ما يضم من علاقات ومن انظمة ومن افكار وتفاصيل هذا البناء العلوي في الحقيقة مرتبط بهذه القاعدة ، بالمحتوى الداخلي للانسان مرتبط بهذه القاعدة ويكون تغيره وتطوره تابعا لتغير هذه القاعدة وتطورها ، فاذا تغير الاساس تغير البناء العلوي ، واذا بقي الاساس ثابتا ، بقي البناء العلوي ثابتا.
فالعلاقة بين المحتوى الداخلي للانسان والبناء الفوقي والتاريخي للمجتمع ، هذه العلاقة علاقة تبعية ، علاقة سبب بسبب ، هذه العلاقة تمثل سنة تاريخية تقدم الكلام عنها في قوله سبحانه وتعالى (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)(١). هذه الآية واضحة جدا في المفهوم الذي اعطيناه وهو ان المحتوى الداخلي للانسان ، هو القاعدة والاساس للبناء العلوي ، للحركة التاريخية ، لان الآية الكريمة تتحدث عن تغييرين : احدهما تغيير القوم (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ) يعني تغيير اوضاع القوم ، شئون القوم ، الأبنية العلوية للقوم ، ظواهر القوم ، هذه لا
__________________
(١) سورة الرعد الآية ١١