وفي أي تجاوز للواقع الذي سيطروا عليه ، يجدون في ذلك زعزعة لوجودهم وهزّا لمراكزهم.
من هنا من مصلحة فرعون على مرّ التاريخ ان يغمض عيون الناس على هذا الواقع ، ان يحول الواقع الذي يعيشه مع الناس الى مطلق ، الى إله ، الى مثل أعلى لا يمكن تجاوزه ، يحاول ان يحبس وان يضع كل الامة في اطار نظرته هو ، في اطار وجوده هو لكي لا يمكن لهذه الامة ان تفتش عن مثل اعلى ينقلها من الحاضر الى المستقبل من واقعه الى طموح آخر اكبر من هذا الواقع. هنا السبب اجتماعي لا نفسي ، السبب خارجي لا داخلي.
وهذا ايضا ما عرضه القرآن الكريم (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي)(١)(قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ)(٢)
هنا فرعون يقول ما أريكم الا ما ارى يريد ان يضع الناس الذين يعبدونه كلهم في اطار رؤيته في اطار نظرته ، يحول هذه النظرة وهذا الواقع ، الى مطلق لا يمكن تجاوزه هنا الذي يجعل المجتمع يتبنى مثلا اعلى مستمدا من
__________________
(١) سورة القصص الآية ٣٨
(٢) سورة الغافر الآية ٢٩