الواقع هو التسلط الفرعوني الذي يرى في تجاوز هذا المثل الأعلى خطرا عليه وعلى وجوده.
قال الله سبحانه وتعالى : (ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ. إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ. فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ)(١) نحن غير مستعدين ان نؤمن بهذا المثل الاعلى الذي جاء به موسى لأنه سوف يزعزع عبادة قوم موسى وهارون لهم. اذن هذا التجميد ضمن اطار الواقع الذي تعيشه الجماعة أي جماعة بشرية ينشأ من حرص أولئك الذين تسلطوا على هذه الجماعة على أن يضمنوا وجودهم ويضمنوا الواقع الذي هم فيه وهم بناته هذا هو السبب الثاني الذي عرضه القرآن الكريم. والقرآن الكريم يسمي هذا النوع من القوى التي تحاول ان تحول هذا الواقع المحدود الى مطلق وتحصر الجماعة البشرية في أطار هذا المحدود ، يسمي هذا بالطاغوت. قال سبحانه وتعالى : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا
__________________
(١) سورة المؤمنون : الآية (٤٥ ـ ٤٧).