له وجود الماء ، وجود السراب على مقربة منه. الا ان هذا في الحقيقة ناشئ من عجز عينه عن ان يتابع المسافة الارضية الطويلة الامد.
كذلك هنا هذا الانسان الذي يقف على طريق التاريخ الطويل ، على طريق المسيرة البشرية ، له افق بحكم قصوره الذهني ، بحكم محدودية الذهن البشري ، له افق كذلك الافق الجغرافي ولكن هذا الافق يجب ان يتعامل معه كافق ، لا كمطلق كما اننا نحن على الصعيد الجغرافي لا نتعامل مع هذا الافق الذي نراه على بعد عشرين مترا او مائتي متر انه نهاية الارض ، وانما نتعامل معه بأنه أفق ، كذلك ايضا هنا يجب ان يتعامل هذا الانسان معه كافق لا يحول هذا الافق التاريخي الى مثل اعلى والا كان من قبيل من يسير نحو سراب.
انظروا الى التمثيل الرائع في قوله سبحانه وتعالى :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ)(١).
__________________
(١) سورة النور الآية (٣٩).