وحدها لقال ما اكثر شهوة هذا الرجل الى السلطان والى الخلافة! لكن هذا الرجل نفسه ، هذا الرجل بذاته عرضت عليه الخلافة ، عرضت عليه رئاسة الدنيا فرفضها! لا لشيء الا لانها شرطت بشرط يخالف كتاب الله وسنة رسوله. من هنا نعرف ان ذلك الاحتراق لم يكن من أجل ذاته ، وانما كان من اجل الله سبحانه وتعالى ، اذن هذه الشجاعة شجاعة البراز في يوم البراز ، وشجاعة الصبر في يوم الصبر ، وشجاعة الرفض في يوم الرفض ، هذه الشجاعة خلقها في قلب علي حبه لله ، لا اعتقاده بوجود الله ، هذا الاعتقاد الذي يشاركه فيه فلاسفة الاغريق ايضا ، أرسطو أيضا يعتقد بوجود الله ، افلاطون أيضا يعتقد بوجود الله ، الفارابي أيضا يعتقد بوجود الله ، ما ذا صنع هؤلاء للبشرية ، وما ذا صنعوا للدين أو للدنيا ، ليس الاعتقاد وانما حب الله اضافة الى الاعتقاد ، هذا هو الذي صنع هذه المواقف ونحن أولى الناس بأن نطلّق الدنيا ، اذا كان حب الدنيا خطيئة ، فهو منا نحن الطلبة من اشد الخطايا ، هذا الشيء الذي هو خطيئة من غيرنا هو اكثر خطيئة منا ، نحن أولى من غيرنا بأن نكون على حذر من هذه الناحية ، أولا لاننا نصبنا أنفسنا أدلاء على طريق الآخرة ، ما هي مهمتنا