ظاهرة الآية الكريمة أن الأجل الذي يترقب أن يكون قريبا أو يهدد هؤلاء بأن يكون قريبا ، هو الأجل الجماعي لا الأجل الفردي ، لأن قوما بمجموعهم لا يموتون عادة في وقت واحد وإنما الجماعة بوجودها المعنوي الكلي هو الذي يمكن ان يكون قد اقترب أجله.
فالأجل الجماعي هنا يعبر عن حالة قائمة بالجماعة ، لا عن حالة قائمة بهذا الفرد أو بذاك ، لأن الناس عادة تختلف آجالهم حينما ننظر إليهم بالمنظار الفردي ، لكن حينما ننظر إليهم بالمنظار الاجتماعي بوصفهم مجموعة واحدة متفاعلة في ظلمها وعدلها ، في سرّائها وضرائها ، حينئذ يكون لها أجل واحد فهذا الأجل الجماعي المشار إليه إنما هو أجل الأمة ، وبهذا تلتقي هذه الآية الكريمة مع الآيات السابقة (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً)(١).
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ
__________________
(١) سورة الكهف : الآية (٥٨ ـ ٥٩).