الرجل يطلق ويعتق ويتزوج ويقول كنت لاعبا فنهوا عن ذلك. عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد : النكاح والطلاق والرجعة» أخرجه أبو داود والترمذي.
وقوله تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) يعني بالإيمان الذي أنعم به الله عليكم فهداكم له وسائر نعمه التي أنعم بها عليكم (وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ) أي واذكروا نعمته فيما أنزله عليكم (مِنَ الْكِتابِ) يعني القرآن (وَالْحِكْمَةِ) يعني السنة التي علمها رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسنها لكم. وقيل : المراد بالحكمة مواعظ القرآن (يَعِظُكُمْ بِهِ) أي بالكتاب الذي أنزله على نبيه صلىاللهعليهوسلم (وَاتَّقُوا اللهَ) يعني خافوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) يعني أن الله تعالى يعلم ما أخفيتم من طاعة ومعصية في سر وعلن لا يخفى عليه شيء من ذلك. قوله عزوجل :
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢٣٢))
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) نزلت في معقل بن يسار المزني عضل أخته جميلة ، وكانت تحت أبي القداح عاصم بن عدي فطلقها معقل بن يسار قال : كانت لي أخت تخطب إلي وأمنعها من الناس فأتاني ابن عم لي فأنكحتها إياه فاصطحبا ما شاء الله ثم طلقها طلاقا له رجعة ثم تركها حتى انقضت عدتها ، فلما خطبت إلى أتاني يخطبها مع الخطاب ، فقلت له : خطبت إلي فمنعتها الناس وآثرتك بها فزوجتك ثم طلقتها طلاقا لك فيه رجعة ، ثم تركتها حتى انقضت عدتها ، فلما خطبت إلي أتيتني تخطبها مع الخطاب والله لا أنكحتها لك أبدا ، ففي ذلك نزلت هذه الآية : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَ) الآية ، فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه أخرجه البخاري ، وقيل إن جابر بن عبد الله كانت له ابنة عم فطلقها زوجها تطليقة ، فلما انقضت عدتها أراد أن يرتجعها فأبى جابر وقال : طلقت ابنة عمنا ثم تريد أن تنكحها الثانية ، وكانت المرأة تريد زوجها قد رضيته فنزلت هذه الآية : وأراد ببلوغ الأجل في قوله (فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) انقضاء العدة بخلاف الآية التي قبل هذه الآية. قال الشافعي : دل اختلاف الكلامين على افتراق البلوغين (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَ) خطاب للأولياء ، والمعنى لا تضيقوا عليهن أيها الأولياء ، فتمنعوهن من مراجعة أزواجهن بنكاح جديد تبتغون بذلك مضارتهن فهو خطاب عام لجميع الأولياء ، وإن كان سبب الآية خاصا. وأصل العضل المنع والتضييق ومنه قول أوس بن حجر :
وليس أخوك الدائم العهد بالذي |
|
يذمك إن ولى ويرضيك مقبلا |
ولكنه النائي إذا كنت آمنا |
|
وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا |
يعني إذا أضاق الأمر ، وفي الآية دليل للشافعي ومن وافقه في أن المرأة لا تلي عقد النكاح ولا تأذن فيه إذ لو كانت تملك ذلك لم يكن عضل ولا لنهي الولي عن العضل معنى. وقوله تعالى : (إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) يعني إذا تراضى الخطاب والنساء ، والمعروف هنا ما وافق الشرع من عقد حلال ومهر جائز. وقيل هو أن يرضى كل واحد منهما بما التزمه لصاحبه بحق العقد حتى تحصل الصحبة الحسنة والعشرة الجميلة (ذلِكَ) أي ذلك الذي ذكر من النهي (يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) يعني أن المؤمن هو الذي ينتفع بالوعظ دون غيره (ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ) يعني أنه خير لكم وأطهر لقلوبكم وأطيب عند الله (وَاللهُ يَعْلَمُ) يعني ما في ذلك من الزكاة والتطهير (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) يعني ذلك. قوله عزوجل : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ