الجمحي وهو يقول لا نجوت إن نجوت فقال : القوم يا رسول الله ألا تعطف عليه رجل منا؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «دعوه» حتى إذا دنا منه وكان أبي قبل ذلك يلقى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيقول عندي رمكة أعلفها كل يوم فرق ذرة أقتلك عليها فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بل أنا أقتلك إن شاء الله» فلما دنا منه تناول رسول الله صلىاللهعليهوسلم الحربة من الحارث بن الصمة ثم استقبله وطعنه في عنقه وخدشه خدشه فسقط عن فرسه وهو يخور كما يخور الثور ويقول قتلني محمد. فاحتمله أصحابه وقالوا ليس عليك بأس بل لو كانت هذه الطعنة بربيعة ومضر لقتلتهم أليس قال لي أنا أقتلك؟ فلو بزق عليّ بعد تلك المقالة لقتلني بها فلم يلبث بعد ذلك إلّا يوما حتى مات بموضع يقال له سرف (خ) عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اشتد غضب الله على من قتله نبي في سبيل الله اشتد غضب الله على قوم أدموا وجه نبي الله» قالوا وفشا في الناس أن محمدا صلىاللهعليهوسلم قد قتل فقال : بعض المسلمين ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي فيأخذ لنا أمانا من أبي سفيان وجلس بعض الصحابة وألقوا ما بأيديهم وقال أناس من المنافقين إن كان محمد قد قتل فألحقوا بدينكم الأول وقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك : يا قوم إن كان محمد قد قتل فإن رب محمد لم يقتل وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقاتلوا على ما قاتل عليه وموتوا على ما مات عليه ثم قال : اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء ـ يعني المسلمين ـ وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء يعني المشركين ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل. ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم انطلق إلى الصخرة وهو يدعو الناس فأول من عرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم كعب بن مالك قال قد عرفت عينيه تزهران تحت المغفر فناديت بأعلى صوتي يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأشار إلي أن أسكت فانحازت إليه طائفة من أصحابه فلامهم النبي صلىاللهعليهوسلم على الفرار فقالوا يا رسول الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا أتانا الخبر بأنك قد قتلت فرعبت قلوبنا فولّينا مدبرين فأنزل الله عزوجل : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) ومعنى الآية فسيخلو محمد كما خلت الرسل من قبله فكما أن أتباعهم بقوا متمسكين بدينهم بعد خلو أنبيائهم فعليكم أنتم أن تتمسكوا بدينه بعد خلوه لأن الغرض من بعث الرسول تبليغ الرسالة وإلزام الحجة لا وجوده بين ظهراني قومه ومحمد اسم علم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وفيه إشارة إلى وصفه بذلك وتخصيصه بمعناه وهو الذي كثرت خصاله المحمودة والمستحق جميع المحامد لأنه الكامل في نفسه صلىاللهعليهوسلم فأكرم الله عز وجل نبيه صلىاللهعليهوسلم فسماه باسمين مشتقين من اسمه المحمود سبحانه وتعالى فسماه محمدا وأحمد وفي ذلك يقول حسان بن ثابت :
ألم تر أن الله أرسل عبده |
|
ببرهانه والله أعلى وأمجد |
أغر عليه للنبوة خاتم |
|
من الله مشهور يلوح ويشهد |
وشق له من اسمه ليجله |
|
فذو العرش من محمود وهذا محمد |
(ق) عن جبير بن مطعم قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لي خمسة أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب» والعاقب الذي ليس بعده نبي وسماه الله رؤوفا رحيما (م) عن أبي موسى الأشعري قال كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسمي لنا نفسه أسماء فقال : «أنا محمد وأنا أحمد وأنا المقفى ونبي التوبة ونبي الرحمة» قوله المقفى هو آخر الأنبياء الذي لا نبي بعده والرسول هو المرسل ويكون بمعنى الرسالة والمراد به هنا المرسل بدليل قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)(أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) يعني أتنقلبون على أعقابكم إن مات محمد أو قتل وترجعون إلى دينكم الأول يقال لكل من رجع إلى ما كان عليه رجع وراءه ونكص على عقبيه وحاصل الكلام إن الله تعالى بيّن أن موت محمد صلىاللهعليهوسلم أو قتله لا يوجب ضعفا في دينه ولا الرجوع عنه بدليل موت سائر الأنبياء قبله وأن أتباعهم ثبتوا على دين أنبيائهم بعد موتهم (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ) يعني فيرتد عن دينه ويرجع إلى الكفر (فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً) يعني بارتداده لأن الله تعالى لا يضره كفر الكافرين لأنه تعالى غني عن العالمين وإنما يضر المرتد والكافر نفسه (وَسَيَجْزِي اللهُ