المسألة الرابعة : من نواقض الوضوء زوال العقل بجنون أو إغماء أو نوم لما روي عن علي قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ» أخرجه أبو داود وابن ماجة ويستثنى من ذلك النوم اليسير ، قاعدا مفضيا بمحل الحدث إلى الأرض ويدل على ذلك ما روي عن أنس. قال : كان أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ينتظرون العشاء الأخيرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون أخرجه أبو داود وذهب قوم إلى أن النوم لا ينقض الوضوء بكل حال وهو قول أبي هريرة وعائشة وبه قال الحسن وإسحاق والمزني وذهب قوم إلى أنه لو نام قائما أو قاعدا أو ساجدا وهو في الصلاة فلا وضوء عليه حتى يضطجع وبه قال سفيان الثوري وابن المبارك وأصحاب الرأي لما روي عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ليس على من نام ساجدا وضوء حتى يضطجع فإذا اضطجع استرخت مفاصله» أخرجه أحمد بن حنبل وضعف بعضهم هذا الحديث.
المسألة الخامسة : من نواقض الوضوء مس الفرج من نفسه أو غيره فذهب قوم إلى أنه يوجب الوضوء وهو قول عمر وابن عمر وابن عباس وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وعائشة وبه قال سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وإليه ذهب الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق غير أن الشافعي قال : ينتقض الوضوء إذا لمس ببطن الكف والرجل والمرأة في ذلك سواء ويدل على ذلك ما روي عن بسرة بنت صفوان أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من مس ذكره فلا يصلّ حتى يتوضأ» أخرجه الترمذي وقال حديث صحيح ولأبي داود والنسائي نحوه وعن أم حبيبة قال سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من مس فرجه فليتوضأ» أخرجه ابن ماجة وصححه أحمد وأبو زرعة وعن أبي هريرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من أفضى بيده إلى ذكره وليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء» أخرجه أحمد بن حنبل وذهب قوم إلى أن مس الذكر لا يوجب الوضوء وهو قول علي وابن مسعود وأبي الدرداء وحذيفة وبه قال الحسن وإليه ذهب الثوري وابن المبارك وأصحاب الرأي واحتجوا بما روي عن طلق بن علي قال قدمنا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجاءه رجل كأنه بدوي فقال : «يا نبي الله ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما توضأ قال هل هو إلّا مضغة أو قال بضعة منه؟» أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي نحوه بمعناه وأجاب من أوجب الوضوء على من مس الذكر عن حديث طلق بن علي بأن قدومه على رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان في أول الهجرة وهو يبني المسجد وأبو هريرة من آخرهم إسلاما. وقد روي انتقاض الوضوء بمس الذكر فصار حديث أبي هريرة ناسخا لحديث طلق بن علي وأيضا فإن حديث طلق يرويه عنه ابنه قيس بن طلق وهو ليس بالقوي عند أهل الحديث.
وقوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) اعلم أن التيمم من خصائص هذه الأمة خصها الله تعالى به ليسهل عليهم أسباب العبادة ويدل على ذلك ما روي عن حذيفة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء» أخرجه مسلم وكان سبب بدء التيمم ما روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : «خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي فأقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا : ألا ترى إلى ما صنعت برسول الله صلىاللهعليهوسلم وبالناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فجاء أبو بكر ورسول الله صلىاللهعليهوسلم واضع رأسه على فخذي قد نام فقال حبست رسول الله صلىاللهعليهوسلم والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء قالت عائشة فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعن بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلّا مكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم على فخذي فنام رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أصبح على غير ماء فأنزل الله عزوجل آية التيمم فتيمموا فقال أسيد بن حضير وهو أحد النقباء ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر قالت عائشة فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته» أخرجاه في الصحيحين قولها بالبيداء البيداء : المفازة والقفر وكل صحراء فهي بيداء وجمعها بيد وذات