آحاده أعشاره وقيل معنى الآية من عمل لله وفقه الله في المستقبل لطاعته (وَإِنْ تَوَلَّوْا) يعني وإن أعرضوا عما جئتم به من الهدى (فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) أي : فقل لهم يا محمد إني أخاف عليكم (عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) يعني : عذاب النار في الآخرة (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) يعني في الآخرة فيثيب المحسن على إحسانه ويعاقب المسيء على إساءته (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) يعني من إيصال الرزق إليكم في الدنيا وثوابكم وعقابكم في الآخرة قوله سبحانه وتعالى : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) قال ابن عباس : نزلت في الأخنس بن شريق وكان رجلا حلو الكلام حلو المنظر وكان يلقى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بما يحب وينطوي بقلبه على ما يكره فنزلت ألا إنهم يثنون صدورهم يعني يخفون ما في صدورهم من الشحناء والعداوة من ثنيت الثوب إذا طويته. وقال عبد الله بن شداد بن الهاد : نزلت في بعض المنافقين كان إذا مر برسول الله صلىاللهعليهوسلم ثنى صدره وظهره وطأطأ رأسه وغطى وجهه كي لا يراه رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقال قتادة : كانوا يحنون صدورهم كي لا يسمعوا كتاب الله تعالى ولا ذكره وقيل كان الرجل من الكفار يدخل بيته ويرخي ستره ويحني ظهره ويتغشى بثوبه ويقول هل يعلم الله ما في قلبي ، وقال السدي : يثنون صدورهم أي يعرضون بقلوبهم من قولهم ثنيت عناني (لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ) يعني من رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال مجاهد من الله عزوجل إن استطاعوا (أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ) يعني يغطون رؤوسهم بثيابهم (يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) ومعنى الآية على ما قاله الأزهري : إن الذين أضمروا عداوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يخفى علينا حالهم في كل حال وقد نقل عن ابن عباس غير هذا التفسير وهو ما أخرجه البخاري في إفراده عن محمد بن عياش بن جعفر المخزومي أنه سمع ابن عباس يقرأ : ألا إنهم يثنون صدورهم ، قال : فسألته عنها فقال كل أناس يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء فنزل ذلك فيهم.
(وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧))
وقوله سبحانه وتعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ) الدابة اسم لكل حيوان دب على وجه الأرض وأطلق لفظ الدابة على كل ذي أربع من الحيوان على سبيل العرف والمراد منه الإطلاق فيدخل الآدمي وغيره من جميع الحيوانات (إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) يعني هو المتكفل برزقها فضلا منه لا على سبيل الوجوب فهو إلى مشيئته إن شاء رزق وإن شاء لم يرزق وقيل إن لفظة على بمعنى أي من الله رزقها وقال مجاهد ما جاءها من رزق فمن الله وربما لم يرزقها فتموت جوعا (وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها) قال ابن عباس : مستقرها المكان الذي تأوي في ليل أو نهار ومستودعها المكان الذي تدفن فيه بعد الموت ، وقال ابن مسعود : مستقرها أرحام الأمهات والمستودع المكان الذي تموت فيه وقيل المستقر الجنة أو النار والمستودع القبر (كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) أي كل ذلك مثبت في اللوح المحفوظ قبل خلقها قوله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) يعني قبل خلق السموات والأرض قال كعب خلق الله ياقوتة خضراء ثم نظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد ثم خلق الريح فجعل الماء على متنها ثم وضع العرش على الماء. قال ضمرة : إن الله سبحانه وتعالى كان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض وخلق القلم فكتب به ما خلق وما هو خالق وما هو كائن من خلقه إلى يوم القيامة ثم إن ذلك الكتاب سبح الله ومجده ألف عام قبل أن يخلق شيئا من خلقه.
وقال سعيد بن جبير سئل ابن عباس عن قوله سبحانه وتعالى : (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) على أي شيء كان الماء قال : على متن الريح ، وقال وهب بن منبه : إن العرش كان قبل أن يخلق الله السموات والأرض ثم قبض الله