والمعنى أن صدقهم في الدنيا ينفعهم في الآخرة لأنه يوم الإثابة والجزاء وما تقدم من صدقهم في الدنيا يتبين نفعه يوم القيامة والمراد بالصادقين النبيون والمؤمنون لأن الكفار لا ينفعهم صدقهم يوم القيامة. قال قتادة : متكلمان لا يخطئان يوم القيامة عيسى عليهالسلام لأنه يقوم فيقول ما قص الله عنه ما قلت لهم إلا ما أمرتني به الآية فكان صادقا في الدنيا والآخرة فينفعه صدقه. وأما المتكلم الآخر فإبليس فإنه يقوم فيقول وقال الشيطان لما قضى الأمر الآية فصدق عدو الله فيما قال ولم ينفعه صدقه. وقال عطاء هو يوم من أيام الدنيا لأن الآخرة دار جزاء لا دار عمل وذهب في هذا القول إلى ظاهر الآية من أن الصدق النافع إنما يكون في الدنيا وهذا القول موافق لمذهب السدي حيث يقول إن هذه المخاطبة جرت مع عيسى عليهالسلام حين رفع إلى السماء ، والوجه ما ذهب إليه الجمهور ثم ذكر الله تعالى ما لهم من الثواب على صدقهم فقال تعالى : (لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) فهذا إشارة إلى ما يحصل من الثواب الدائم الذي لا انقطاع له ولا انتهاء (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) يعني بطاعتهم لهم (وَرَضُوا عَنْهُ) يعني بما أعطاهم من ثوابه وجزيل كرامته (ذلِكَ) إشارة إلى ما ذكره من ثوابهم (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) يعني أنهم فازوا بالجنة وبرضوانه عنهم ونجوا من النار (لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَ) عظم الله عزوجل نفسه عما قال فيه النصارى يعني ، أن الذي له ملك السموات والأرض هو الذي يستحق الإلهية لا ما قالت النصارى من إلهة المسيح وأمه لأنهما جملة من في السموات والأرض فهما عبيده وفي ملكه. وقيل : هو جواب السؤال مضمر في الكلام كأنه لما وعد الصادقين بالثواب العظيم قيل من يعطيهم ذلك قال الذي له ملك السموات والأرض ومن فيهن (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه.