فالبدوى على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسمع هاتين الآيتين الكريمتين فيقول : تنشق الأرض عن الينابيع ، وتكتسى بالخضرة عند نزول المطر هذا معنى قوله ـ تعالى ـ (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها) ماؤها : العيون والينابيع ، ومرعاها : ينزل المطر فتخضر الأرض بعد سقوط المطر. ثم يأتى العلم التجريبى ليؤكد على أن كل ماء الأرض قد أخرجه ربنا ـ تبارك وتعالى ـ أصلا من داخل الأرض.
ويعبر بالمرعى عن غازات أخرى تخرج من فوهات البراكين مثل ثانى أكسيد الكربون وبعض أكاسيد النيتروجين ، وهى غازات لازمة لحياة النباتات ، فالنبات لا يستطيع أن يبنى جسده ... أزهاره وسيقانه وثماره بدون هذه الغازات ؛ لأنها اللبنة الأساسية التى يستخدمها النبات فى بناء هيكله ، مع أملاح الأرض ومعادنها والماء وأشعة الشمس.
والقرآن يعبر عن ذلك تعبيرا دقيقا بقول الحق ـ تبارك وتعالى ـ : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها* أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها).
سئل ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ ما معنى دحاها؟ قال : فسّرها ما جاء بعدها أى (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها).
كثير من المفسرين كانوا يقولون : إن الدحو هنا بمعنى التكوير مثل الدحية ، وهى البيضة فى إحدى اللهجات العامية. لكن فى اللغة العربية الفصحى : مدحى النعامة هو موضع بيضها ، فالنعامة توسع الرمل وتوسع التراب لتضع البيض على مكان لين يناسب البيض الهش فى لحظة وضعه ولا يهشمه.
والدحو فى اللغو : هو المد والبسط ، وتأتى العلوم التجريبية لتؤكد على أن من أخطر وأهم المراحل فى خلق الأرض وتهيئتها لاستقبال الحياة ، مرحلة أسميها أنا «مرحلة الدحو» ، وهى مرحلة ثورانات بركانية عنيفة ، خرج من فوهاتها ولا يزال يخرج كل الغلاف المائى وكل الغلاف الغازى للأرض وكثير من المواد الصلبة التى كونت قشرتها الخارجية ، واستمرت الثورات البركانية طيلة بقية