الأربعون : إذا كان الحكيم قد خلق الخلق وكلّفهم وأعادهم لأجل جزائهم على الإيمان وعمل الصالحات ولم ينصّب لهم معصوما يفيد قوله اليقين نقض غرضه ، ونقض الغرض باطل.
الحادي والأربعون : قوله تعالى : (أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ) (١).
الإنذار يقتضي وضع الله تعالى في الأحكام جميعا ؛ لأنّه تعالى يعلم ما كان وما يكون [إلى] (٢) انقراض العالم ، فلا بدّ في كلّ واقعة أن ينصّب حكما ، فأوجب على النبيّ صلىاللهعليهوآله الإنذار للمكلّفين بجميع الأحكام ، وذلك يحتاج [إلى إمام معصوم] (٣) ولا يتمّ فائدته إلّا بإمام معصوم في كلّ زمان ؛ لوجوه :
أحدها : أنّ الإمام لطف في التكليف ، [وهو الإنذار ، وهو من فعله تعالى ، واللطف في التكليف] (٤) الواجب واجب. وهذا على رأي المعتزلة (٥).
وثانيها : أنّ عقولنا [لا] (٦) تستقل باستخراج جميع الأحكام [الواقعة] (٧) في كلّ زمان من الكتاب [العزيز] (٨) والسنّة ، وهو ظاهر ؛ للاختلاف الواقع.
ولأنّ أكثر النظر فيها لاستخراج الأحكام يفيد الظنّ ، فلا بدّ وأن يكون من جملة من ينذره النبيّ صلىاللهعليهوآله شخص ذو نفس قدسية وقوّة إلهامية يعلّمه النبيّ صلىاللهعليهوآله طريقا باستخراج الأحكام من الكتاب والسنّة يقينا ، ويقرّر عنده قوانين كلّية تفيده العلم القطعي بتفصيل الأحكام ، و [يكون] (٩) حافظا لذلك ، وليس ذلك إلّا المعصوم.
__________________
(١) يونس : ٢.
(٢) في «أ» : (من) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) زيادة اقتضاها السياق.
(٤) من «ب».
(٥) انظر : مناهج اليقين في أصول الدين : ٢٥٣. المغني في أبواب التوحيد والعدل (اللطف) : ٢٧.
(٦) في «أ» : (إلّا) ، وما أثبتناه من «ب».
(٧) في «أ» : (الواقفة) ، وما أثبتناه من «ب».
(٨) من «ب».
(٩) في «أ» : (ليس) ، وما أثبتناه من «ب».