وثالثها : أنّ غاية الإنذار (١) العمل ، [و] (٢) المؤدّي إلى الغاية منهم كما أنّ سبب الإنذار منهم ، والمؤدّي إليه الحامل [عليه] (٣) ، فإنّ القوى الشهوية تعارض القوى العقلية في أكثر الناس ، والحامل عليه هو الإمام ، ولا بدّ وأن يكون معصوما ، وإلّا لنقض الغرض ؛ لجواز ألّا يحمل عليه ، بل على ضدّه ، وقد وقع في رئاسة غير المعصومين ممّن ادّعوا الإمامة ـ كمعاوية ـ وقائع شنيعة ، وقضايا فظيعة ، وأشياء باطلة ، وحرّف الشرع كثيرا ، و [ابتدع] (٤) بدائع ذكرها عنه أبو يوسف (٥) وغيره من الجمهور (٦).
ورابعها : أنّ الفعل [إذا كان له غاية وتلك الغاية تتوقّف على أمر غالبا حتى يحصل ، وكان ذلك الفعل] (٧) من فعل الفاعل لذلك الفعل الذي هو ذو الغاية ، فإن لم يفعل ذلك كان بعيدا من الحكمة ، ولا ريب أنّ الإنذار غايته الفعل ، وهو يتوقّف على حامل للمكلّفين غير المعصومين على صحيح الاعتقاد وحكم الله تعالى.
__________________
(١) في «أ» زيادة : (و) بعد : (الإنذار) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٢) من «ب».
(٣) من «ب».
(٤) في «أ» : (ابتداع) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي ، صاحب الإمام أبي حنيفة وتلميذه ، كان فقيها عالما من حفّاظ الحديث ، ولد بالكوفة سنة ١١٣ ه ، وتفقّه بالحديث والرواية ، ثمّ سكن بغداد وولي القضاء أيّام المهدي والهادي والرشيد ، وهو أوّل من دعي بقاضي القضاة ، وأوّل من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة ، وكان واسع العلم. توفّي سنة ١٨٢ ه. له مصنّفات كثيرة بالتفسير والمغازي وأيّام العرب ، ومن مصنّفاته : الآثار ، النوادر ، اختلاف الأمصار ، الأمالي في الفقه ، وغيرها. انظر : وفيات الأعيان ٦ : ٣٧٨ ـ ٣٩٠. الأعلام ٨ : ١٩٣.
(٦) انظر : تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢١٧ ـ ٢٢٣. مروج الذهب ٣ : ٣ ـ ٨ الكامل في التاريخ ٣ : ٢١٩ ، ٢٢٩ ، ٢٣٣ ـ ٢٤٣ ، ٢٤٩.
(٧) من «ب».